هو شارع و حاكم لينصرف إلى ذلك النحو من الحجب، بل أسند إليه بما هو رب العالمين، و بيده الأمر من قبل و من بعد، و بهذا يشمل كل حجب يقع في العالم، و لا موجب لتقييده بالحجب الواقع منه بما هو حاكم.
و الآخر: أن موضوع القضية ما حجب عن العباد، فتختص بما كان غير معلوم لهم جميعا فلا يشمل التكاليف التي يشك فيها بعض العباد دون بعض. و قد يجاب على ذلك باستظهار الانحلالية من الحديث بمعنى أن كل ما حجب عن عبد فهو موضوع عنه، فالعباد لوحظوا بنحو العموم الاستغراقي لا العموم المجموعي.
و منها: رواية عبد اللّه بن سنان: عن أبي عبد اللّه 7 أنه قال: (كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه)، و تقريب الاستدلال أنها تجعل الحلية مع افتراض وجود حرام و حلال واقعي، و تضع لهذه الحلية غاية، و هي تمييز الحرام. فهذه الحلية ظاهرية إذن، و هي تعبير آخر عن الترخيص في ترك التحفظ و الاحتياط.
- و ليس المراد: ما حجب اللّه علمه عن العباد في مرحلة الجعل و التشريع فهو موضوع عنهم. بتعبير آخر يقول تعالى: وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى، أي و لكن اللّه الذي إليه يرجع الأمر كلّه و إليه تنسب الأعمال بوجه من الوجوه هو الذي رمى و هو الذي حجب الرواية عن العباد بواسطة خلقه، فما حجب اللّه- و لو بواسطة الخلق- علمه عن العباد فهو موضوع عنهم، و هو معنى البراءة.