و قد يضاف إلى ذلك التمسك بعموم دليل الاستصحاب، و ذلك بأحد لحاظين:
الأول: أن نلتفت إلى بداية الشريعة فنقول: إن هذا التكليف المشكوك لم يكن قد جعل في تلك الفترة يقينا لأن تشريع الأحكام كان تدريجيا فيستصحب عدم جعل ذلك التكليف.
الثاني: أن يلتفت المكلف إلى حالة ما قبل تكليفه، كحالة صغره مثلا، فيقول إن هذا التكليف لم يكن ثابتا عليّ في تلك الفترة يقينا، و يشك في ثبوته بعد البلوغ فيستصحب عدمه (1).
و قد اعترض المحقق النائيني (قدّس سرّه) على إجراء الاستصحاب بأحد هذين اللحاظين، بأن استصحاب عدم حدوث ما يشك في حدوثه إنما يجري إذا كان الأثر المطلوب إثباته بالاستصحاب منوطا بعدم الحدوث، فنتوصل إليه تعبدا بالاستصحاب. و مثاله أن نشك في حدوث النجاسة في الماء، و الأثر المطلوب تصحيح الوضوء به، و هو منوط بعدم حدوث
(1) الفرق بين الوجهين أنّ الأول يقول باستصحاب عدم جعل التكليف و الثاني يقول باستصحاب عدم فعلية التكليف.
* أقول أمّا الاستصحاب الأوّل فباطل لعلمنا بتمامية الشريعة، بمعنى أنّ اللّه قد جعل لكل مسألة حكما.