يراد به المال أو الفعل أو التكليف أو الجامع (1)، و الأول هو المتيقن لأنه المناسب لمورد الآية حيث أمرت بالنفقة و عقّبت ذلك بالكبرى المذكورة، و لكن لا موجب للاقتصار على المتيقن، بل نتمسك بالإطلاق لإثبات الاحتمال الأخير، فيكون معنى الآية الكريمة: إن اللّه لا يكلف مالا إلّا بقدر ما رزق و أعطى، و لا يكلف بفعل إلّا في حدود ما أقدر عليه من أفعال، و لا يكلف بتكليف إلّا إذا كان قد آتاه و أوصله إلى المكلف، فالإيتاء بالنسبة إلى كل من المال و الفعل و التكليف بالنحو المناسب له. فينتج أن اللّه تعالى لا يجعل المكلف مسئولا تجاه تكليف غير واصل و هو المطلوب.
و قد اعترض الشيخ الأنصاري على هذا الاستدلال: بأن إرادة الجامع من اسم الموصول غير ممكنة، لأن اسم الموصول حينئذ بلحاظ شموله للتكليف يكون مفعولا مطلقا و بلحاظ شموله للمال يكون مفعولا به، و النسبة بين الفعل و المفعول المطلق تغاير النسبة بين الفعل و المفعول به، فإن الأولى هي نسبة الحدث إلى
(1) يعني أن المراد بالآية إمّا معنى: لا يكلّف اللّه نفسا بمال إلّا بمقدار ما آتاها، و إما المراد: لا يكلف اللّه نفسا بفعل كالصلاة إلّا بمقدار ما آتاها من قوّة، و إما أنّ المراد هو: لا يكلّف اللّه نفسا بتكليف كوجوب الصلاة إلّا بالتكليف الذي أعلمها.
و إمّا أنّ المراد هو: لا يكلّف اللّه نفسا بشيء- سواء كان مالا أو فعلا أو تكليفا- إلّا بالشيء الذي آتاها أي أقدرها عليه و أعلمها به.