و المراد بالثاني ما يحتاج إلى إثبات قضية شرعية (1) كذلك.
و مثال الأول: القضية القائلة: بأن كل ما حكم العقل بحسنه أو قبحه حكم الشارع بوجوبه أو حرمته، فإن تطبيقها لاستنباط حرمة الظلم مثلا لا يتوقف على إثبات قضية شرعية مسبقة.
و مثال الثاني: القضية القائلة: إنّ وجوب شيء يستلزم وجوب مقدمته، فإن تطبيقها لاستنباط وجوب الوضوء يتوقف على إثبات قضية شرعية مسبقة، و هي وجوب الصلاة.
* ثانيا: تنقسم القضية العقلية إلى قضية تحليلية و قضية تركيبية، و المراد بالقضية التحليلية ما كان البحث فيها يدور حول تفسير ظاهرة معينة، كالبحث عن حقيقة الوجوب التخييري (2).
(1) ... كقضية وجوب الحج فإنّه بمعونة الدليل العقلي يستنبط وجوب السير شرعا. و لاحتياج عملية الاستنباط إلى إثبات وجوب الحج شرعا سمّي هذا الدليل بالدليل العقلي غير المستقل (*).
(2) و هل هو عبارة عن تعلق الحكم بالجامع بين المصاديق أو أنّ الحكم منصبّ مباشرة على المصاديق بنحو مشروط بترك بقية المصاديق، و مثاله وجوب إحدى الخصال الثلاثة (العتق أو الاطعام أو الصيام) لمن أفطر يوما متعمّدا في شهر رمضان.
(*) أقول هذه تسمية لا فائدة منها أصلا، فالدليل العقلي ذو طبيعة واحدة سواء دخل في شرطه و موضوعه دليل شرعي كقولنا «إذا وجب شيء شرعا وجبت مقدّمته شرعا» أو لا كقولنا «إذا قبح فعل عقلا حرم شرعا» إن هذا إلّا تضييع للأعمار.