نام کتاب : دروس في أصول الفقه(الحلقة الثانية) نویسنده : الأشكناني، محمد حسين جلد : 1 صفحه : 165
و أما أهل البيت : فإنهم كما حاربوا الاتجاه العقلي المتطرف أكدوا في نفس الوقت على أهمية العقل و ضرورة الاعتماد عليه في الحدود المشروعة و اعتباره أداة رئيسية للإثبات إلى جنب البيان الشرعي، و قد جاء في نصوص أهل البيت : عن الإمام الكاظم 7 أنه قال:
" إن للّه على الناس حجتين: حجة ظاهرة و حجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل و الأنبياء و الأئمة، و أما الباطنة فالعقول" [1].
و هكذا جمعت مدرسة أهل البيت : بين حماية الشريعة من فكرة النقص و حماية العقل من مصادرة الجامدين.
2- المعركة إلى صف العقل:
و الاتجاه الآخر المتطرّف في إنكار العقل الذي وجد داخل نطاق الفكر الإمامي فقد تمثّل في جماعة من علمائنا اتخذوا اسم" الأخباريّين و المحدّثين"، و قاوموا دور العقل في مختلف الميادين و دعوا إلى الاقتصار على البيان الشرعي فقط لأن العقل عرضة للخطإ، فلا يصلح لأن يكون أداة إثبات في أي مجال من المجالات الدينية، و هؤلاء الأخباريّون هم نفس تلك الجماعة التي شنّت حملة ضدّ الاجتهاد كما مر سابقا.
و يرجع تاريخ هذا الاتجاه إلى أوائل القرن الحادي عشر، فقد دعا إليه شخص كان يسكن في المدينة المنورة اسمه" الميرزا محمد أمين الأسترآبادي" المتوفى سنة 1023 ه، و وضع كتابا أسماه" الفوائد المدنيّة" بلور فيه هذا الاتجاه و برهن عليه و جعله مذهبا.