الباعثية، أى كانت باعثة لقوة أخرى على إيجاد هذه الصفة و إحداثها، بحيث أمكن تحقق هذه الصفة مع قطع النظر عن هذه القوة بباعث آخر لم يكن متعلقة بها، و لم نعدها من رذائلها أو فضائلها، بل كانت متعلقة بالقوة الأخرى التي هي مباشرة لإحداثها و إيجادها، مثل الغضب الحاصل من فقد شيء من مقتضيات شهوة البطن و الفرج، و إن كان باعثه قوة الشهوة إلا أنه ليس لقوة الشهوة و فعلها شركة في إحداثه و إيجاده، بل الإحداث إنما هو من القوة الغضبية، و مدخلية الشهوية إنما هو بتحريكها و تهييجها الغضبية للإحداث و الإيجاد، و لا ريب في أن للعاقلة هذه الباعثية في صدور أكثر الصفات مع عدم عدها من رذائلها «أو فضائلها» [1]
و إذا عرفت ذلك فاعلم أنا نذكر أولا ما يتعلق بالعاقلة من الرذائل و الفضائل، ثم ما يتعلق بالقوة الغضبية منهما، ثم ما يتعلق بالشهوية منهما ثم ما يتعلق بهما أو الثلاث.
وصل العقل النظري هو المدرك للفضائل و الرذائل
اعلم أن كل واحد من العقل العملي و العقل النظري رئيس مطلق من وجه، أما «الأول» فمن حيث إن استعمال جميع القوى حتى العاقلة على النحو الأصلح موكول إليه، و أما «الثاني» فمن حيث إن السعادة القصوى و غاية الغايات أعني التحلي بحقائق الموجودات مستندة إليه، و أيضا إدراك ما هو الخير و الصلاح من شأنه فهو المرشد و الدليل للعقل العملي في تصرفاته
[1] لم توجد في نسختنا الخطية لكنها موجودة في نسخة خطية أخرى و في المطبوعة.