أمين الدين الأسترابادي المتوفى 1033. ثم يظهر آخر شخص لهذه النزعة له مكانته العلمية المحترمة في الفقه هو صاحب الحدائق المتقدم ذكره. و هذا الثاني-و إن كان أكثر اعتدالا من الأول و أضرابه-كاد أن يتم على يديه تحول الاتجاه الفكري بين طلاب العلم في كربلا إلى اعتناق فكرة الأخبارية هذه.
و عند ما وصلت هذه الفكرة الأخبارية إلى أوجها، ظهر في كربلاء علم الأعلام الشيخ الوحيد الآقا البهبهاني، الذي قيل عنه بحق: مجدد المذهب على رأس المائة الثالثة عشرة. فإن هذا العالم الجليل كان لبقا مفوها و مجاهدا خبيرا، فقد شن على الأخبارية هجوما عنيفا بمؤلفاته، و بمحاججاته الشفوية الحادة مع علمائها-و قد نقل في بعض فوائده الحائرية و رسائله نماذج منها- و بدروسه القيمة التي يلقيها على تلامذته الكثيرين الذين التفوا حوله، و على يديه كان ابتداء تطور علم الأصول الحديث، و خروجه عن جموده الذي ألفه عدة قرون، و اتجه التفكير العلمي إلى ناحية جديدة غير مألوفة.
فانكمشت في عصره النزعة الأخبارية على نفسها، و لم تستطع أن تثبت أمام قوة حجته. و تخرّج على يديه جماعة كبيرة من أعلام الأمة، كبحر العلوم، و كاشف الغطاء، و المحقق القمي، و الشيخ النراقي-المترجم له- و أشباههم.
فيبرز شيخنا المترجم له في عنفوان المعركة الأخبارية و الأصولية، و ساحتها كربلا، و في عنفوان معركة الدعوة إلى التصوف، و ساحتها أصفهان على الأكثر، فيكون أحد أبطال هاتين المعركتين، بل أحد القواد الذين رفعوا راية الجهاد بمؤلفاته و تدريسه، و ساعده على ذلك أنه-;- كان متفننا في دراسة العلوم، و لم يقتصر على الفقه و الأصول و مقدماتهما، فقد شارك العلوم الرياضية، كالهندسة و الحساب و الهيئة، و له مؤلفات فيها