الخلق عبارة عن «ملكة للنفس مقضية لصدور الأفعال بسهولة من دون احتياج إلى فكر و روية» [1] . و الملكة: كيفية نفسانية بطيئة الزوال.
و بالقيد الأخير خرج الحال لأنها كيفية نفسانية سريعة الزوال، و سبب وجود الخلق إما المزاج كما مر، أو العادة بأن يفعل فعلا بالروية، أو التكلف و يصبر عليه إلى أن يصير ملكة له و يصدر عنه بسهولة و إن كان مخالفا لمقتضى المزاج.
و اختلف الأوائل في إمكان إزالة الأخلاق و عدمه، و ثالث الأقوال أن بعضها طبيعي يمتنع زواله و بعضها غير طبيعي حاصل من أسباب خارجة يمكن زواله. و رجح المتأخرون الأول و قالوا: ليس شيء من الأخلاق طبيعيا و لا مخالفا للطبيعة. بل النفس بالنظر إلى ذاتها قابلة للاتصاف بكل من طرفي التضاد، إما بسهولة إن كان موافقا للمزاج، أو بعسر إن كان مخالفا له، فاختلاف الناس في الأخلاق لاختلافهم في الاختيار و المزاولة لأسباب خارجة.
(حجة القول الأول) أن كل خلق قابل للتغيير و كل قابل للتغيير ليس طبيعيا فينتج لا شيء من الخلق بطبيعي و الكبرى بديهية، و الصغرى وجدانية، فإنه نجد أن الشرير يصير بمصاحبته الخيّر خيرا، و الخيّر بمجالسة
[1] ما بين القوسين في الموضع غير موجود في نسختنا الخطية لكنه موجود في نسخة خطية أخرى و في المطبوعة.