الشرير شريرا. و نرى أن التأديب «في السياسات [1] » فيه أثر عظيم في زوال الأخلاق، و لولاه لم يكن لقوة الروية فائدة و بطلت التأديبات و السياسات و لغت الشرايع و الديانات، و لما قال اللّه سبحانه: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكََّاهََا»[2] . و لما قال النبي صلى اللّه عليه و آله: «حسنوا أخلاقكم»
و لما قال: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ،
و ردّ: بمنع كلية الصغرى فإنا نشاهد أن بعض الأخلاق في بعض الأشخاص غير قابل للتبديل (لا) سيما ما يتعلق بالقوة النظرية، كالحدس و التحفظ، و جودة الذهن، و حسن التعقل، و مقابلاتها كما هو معلوم من حال بعض الطلبة، فإنه لا ينجح سعيهم في التبديل مع مبالغتهم في المجاهدة.
و ما قيل: من لزوم تعطل القوة المميزة و بطلان التأديب و السياسات مردود: بأن هذا اللزوم إذا لم يكن شيء من الأخلاق قابلا للتغيير، و أما مع قبول بعضها أو أكثرها له فلا يلزم شيء مما ذكر، و لو كان عدم قبول بعض الأخلاق التغيير موجبا لبطلان علم الشرائع و الأخلاق لكان عدم قبول بعض الأمراض للصحة مقتضيا لبطلان علم الطب، مع أنا نعلم بديهة أن بعض الأمراض لا يقبل العلاج.
(و حجة القول الثاني) أن الأخلاق بأسرها تابعة للمزاج، و المزاج لا يتبدل، و اختلاف مزاج شخص واحد في مراتب سنة لا ينافي ذلك، لجواز تابعيتها لجميع مراتب عرض المزاج، و أيّد ذلك بقوله صلى اللّه عليه و آله: (الناس معادن كمعادن الذهب و الفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم
____________
(1) ما بين القوسين في الموضعين غير موجود في نسختنا الخطية لكنه موجود في نسخة خطية أخرى و في المطبوعة.