نفسه لم يكن متكبرا، بل المتكبر هو أن يرى لنفسه مرتبة و لغيره مرتبة، ثم يرى مرتبة نفسه فوق مرتبة غيره.
و الحاصل: أن العجب مجرد إعظام النفس لأجل كمال أو نعمة، و إعظام نفس الكمال و النعمة مع الركون و نسيان إضافتهما إلى اللّه. فإن لم يكن معه ركون و كان خائفا على زوال النعمة مشفقا على تكدرها أو سلبها بالمرة، أو كان فرحا بها من حيث أنها من الله من دون إضافتها إلى نفسه لم يكن معجبا، فالمعجب ألا يكون خائفا عليها، بل يكون فرحا بها مطمئنا إليها، فيكون فرحه بها من حيث إنها صفة كمال منسوبة إليه، لا من حيث إنها عطية منسوبة إلى اللََّه تعالى. و مهما غلب على قلبه أنها نعمة من اللََّه مهما شاء سلبها زال العجب.
ثم لو انضاف إلى العجب-أي غلب على نفس المعجب-أن له عند اللََّه حقا، و أنه منه بمكان، و استبعد أن يجري عليه مكروه، و كان متوقعا منه كرامة لعمله، سمي ذلك (إدلالا) بالعمل، فكأنه يرى لنفسه على اللََّه دالة فهو وراء العجب و فوقه إذ كل مدل معجب، و رب معجب لا يكون مدلا، إذ العجب مجرد الاستعظام و نسيان الإضافة إلى اللََّه من دون توقع جزاء على عمله، و الإدلال يعتبر فيه توقع الجزاء بعمله، إذ المدل يتوقع إجابة دعوته و يستنكر ردها بباطنه و يتعجب منه، فالإدلال عجب مع شيء زائد.
و على هذا، فمن أعطى غيره شيئا، فإن استعظمه و من عليه كان معجبا، و إن استخدمه مع ذلك أو اقترح عليه الاقتراحات و استبعد تخلفه عن قضاء حقوقه كان مدلا عليه و كما أن العجب قد يكون مما يراه صفة كمال و ليس كذلك العجب بالعمل قد يكون بعمل هو مخطئ فيه و يراه حسنا، كما قال سبحانه: