قوله: جزاك اللََّه و انتقم منك!و من أنت؟و هل أنت إلا من بني فلان؟ و مثل قوله: يا جاهل!و يا أحمق!. و هذا ليس فيه كذب مطلقا، إذ ما من أحد إلا و فيه جهل و حمق، (أما الأول) فظاهر، (و أما الثاني) فلما ورد من أن الناس كلهم حمقى في ذات اللََّه.
و الدليل على جواز هذا القدر من الانتقام، قول النبي صلى اللََّه عليه و آله و سلم- «المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما حتى يتعدى المظلوم» [1] .
و قول الكاظم 7 في رجلين يتسابان: «البادئ منهما أظلم، و وزره و وزر صاحبه عليه ما لم يتعد المظلوم» [2] . و هما يدلان على جواز الانتصار لغير البادئ من دون وزر ما لم يتعد، و معلوم أن المراد بالسب فيهما أمثال الكلمات المذكورة دون الفحش و الكلمات الكاذبة، و لا ريب في أن الاقتصار على مجرد ما وردت به الرخصة بعد الشروع في الجواب مشكل، و لعل السكوت عن أصل الجواب و حوالة الانتقام إلى رب الأرباب أيسر و أفضل. ما لم يؤد إلى فتور الحمية و الغيرة، إذ أكثر الناس لا يقدر على ضبط نفسه عند فور الغضب. لاختلاف حالهم في حدوث الغضب و زواله. قال رسول اللََّه-صلى اللََّه عليه و آله-: «ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى، منهم بطيء الغضب سريع الفيء. و منهم سريع الغضب سريع الفيء فتلك بتلك. و منهم سريع الغضب بطيء الفيء، و منهم بطيء الغضب بطيء الفيء. ألا و إن خيرهم البطيء الغضب السريع الفيء، و شرهم السريع الغضب البطيء الفيء»
و قد ورد في خبر آخر: «إن المؤمن سريع الغضب سريع الرضا، فهذه بتلك»
[1] صححنا الحديث على ما في إحياء العلوم (ج 3 ص 106) و على نسختنا الخطية و في المطبوعة: «حتى يعتذر إلى المظلوم» .
[2] صححنا الحديث على ما في أصول الكافي في باب السفه و في نسختنا الخطية و المطبوعة: «ما لم يعتذر إلى المظلوم» .