اللََّه الموقدة، إلا أنها لا تطلع إلا على الأفئدة، و إنها لمستكنة في طي الفؤاد استكنان الجمر تحت الرماد، و تستخرجها حمية الدين من قلوب المؤمنين، أو حمية الجاهلية و الكبر الدفين من قلوب الجبارين، التي لها عرق إلى الشيطان اللعين، حيث قال:
فمن شأن الطين السكون و الوقار، و من شأن النار التلظي و الاستعار» .
ثم قوة الغضب تتوجه عند ثورانها إما إلى دفع المؤذيات إن كان قبل وقوعها أو إلى التشفي و الانتقام إن كان بعد وقوعها، فشهوتها إلى أحد هذين الأمرين و لذتها فيه، و لا تسكن إلا به. فإن صدر الغضب على من يقدر أن ينتقم منه، و استشعر باقتداره على الانتقام، انبسط الدم من الباطن إلى الظاهر، و احمر اللون، و هو الغضب الحقيقي. و إن صدر على من لا يتمكن أن ينتقم منه لكونه فوقه، و استشعر باليأس عن الانتقام. انقبض الدم من الظاهر إلى الباطن، و صار حزنا. و إن صدر على من يشك في الانتقام منه انبسط الدم تارة أو انقبض أخرى، فيحمر و يصفر و يضطرب.
فصل الإفراط و التفريط و الاعتدال في قوة الغضب
الناس في هذه القوة على إفراط و تفريط و اعتدال. فالإفراط: أن تغلب هذه الصفة حتى يخرج عن طاعة العقل و الشرع و سياستهما، و لا تبقى له فكرة و بصيرة. و التفريط: أن يفقد هذه القوة أو تضعف بحيث لا يغضب عما ينبغي الغضب عليه شرعا و عقلا. و الاعتدال: أن يصدر غضبه فيما ينبغي