و أصناف العذاب في الآخرة و استماع المواعظ المنذرة، و النظر إلى الخائفين و مجالستهم، و مشاهدة أحوالهم و استماع حكاياتهم. و هذا مما يستجلب الخوف من عذابه تعالى، و هو خوف عموم الخلق، و هو يحصل بمجرد أصل الإيمان بالجنة و النار، و كونهما جزاءين على الطاعة و المعصية، و إنما يضعف للغفلة أو ضعف الإيمان، و تزول الغفلة و الضعف بما ذكر. و أما الخوف من اللّه بأن يخاف البعد و الحجاب و يرجو القرب و الوصال، و هو خوف أرباب القلوب، العارفين من صفاته ما يقتضي الخوف و الهيبة، المطلعين على سر قوله:
فالعلاج في تحصيله الارتقاء إلى ذروة المعرفة، إذ هذا الخوف ثمرة المعرفة باللّه و بصفات جلاله و جماله، و من لم يمكنه ذلك فلا يترك سماع الأخبار و الآثار و ملاحظة أحوال الخائفين من هيبته و جلاله، كالأنبياء و الأولياء و زمرة العرفاء، فإنه لا يخلو عن تأثير.
(الثالث) أن يتأمل في أن الوقف على كنه صفات اللّه في حيز المحال،
و أن الإحاطة بكنه الأمور ليس في مقدرة البشر، إذ هي مرتبطة بالمشية ارتباطا يخرج عن حد المعقول و المألوف. و من عرف ذلك على التحقيق يعلم أن الحكم على أمر من الأمور الآتية غير ممكن بالحدس و القياس، فضلا