الطالب للسعادة ينبغي أن يكون مقصور الهم في كل حال على تحصيلها، و من جملتها دفع طول الأمل و الرضا بما قدر له من طول العمر و قصره، و يكون سعيه أبدا في تحصيل الكمالات بقدر الإمكان و التخلص عن مزاحمة الزمان و المكان، و قطع علاقته من الدنيا و زخارفها الفانية و الميل إلى الحياة و اللذات الباقية، و الاهتمام في كسب الابتهاجات العقلية و الاتصال التام بالحضرة الإلهية، حتى يتخلص عن سجن الطبيعة و يرتقى إلى أوج عالم الحقيقة، فيتفق له الموت الإرادي الموجب للحياة الطبيعية، كما قال (معلم الإشراق) : «مت بالإرادة تحيي بالطبيعة» ، فينقل إلى مقعد صدق هو مستقر الصديقين، و يصل إلى جوار رب العالمين، و حينئذ يشتاق للموت و لا يبالي بتقديمه و تأخيره، و لا يركن إلى ظلمات البرزخ الذي هو منزل الأشقياء و الفجار و مسكن الشياطين و الأشرار، و لا يتمنى الحياة الفانية أصلا و ينطق بلسان الحال:
خرم آن روز كزين منزل ويران بروم # راحت جان طلبم و ز پي جانان بروم
بهواى لب أو ذره صفت رقص كنان # تا لب چشمه خورشيد درخشان بروم [1]
(السابع) تصور العذاب الجسماني و الروحانى المترتب على ذمائم الأعمال و قبائح الأفعال.
و لا ريب في أن الخوف من ذلك ممدوح، و هو
[1] البيتان للشاعر الفيلسوف (حافظ الشيرازى) . و معنى الأول: «إن سروري يكون في يوم الرحيل من هذه الدار الخربة طلبا لراحة نفسي و لقاء الحبيب» . و يقصد بحبيبه: الحق الأول، و براحة نفسه: النعيم الأبدي، و بالرحيل عن الدار الخربة: انتقال نفسه من بدنه بالموت.
و معنى البيت الثاني: «أني لشوقي إلى إلقاء الحبيب اهتز اهتزاز الذرة في ضوء الشمس لكي أصل إلى لقاء عين الشمس المتوهجة» . و يقصد بعين الشمس: