القلب إلى مراقبته حتى يحضر مع الذكر، و لو خلي و طبعه استرسل في أودية الخواطر.
(الثالثة) القلبي الذي تمكن من القلب و استولى عليه، بحيث لم يمكن صرفه عنه بسهولة، بل احتاج ذلك إلى سعي و تكلف، كما احتيج في الثانية إليهما في قراره معه و دوامه عليه.
(الرابعة) القلبي الذي يتمكن المذكور من القلب بحيث انمحى عند الذكر، فلا يلتفت القلب إلى نفسه و لا إلى الذكر، بل يستغرق بشراشره في المذكور، و أهل هذه المرتبة يجعلون الالتفات إلى الذكر حجابا شاغلا.
و هذه المرتبة هي المطلوبة بالذات و البواقي مع اختلاف مراتبها مطلوبة بالعرض لكونها طرقا إلى ما هو المطلوب بالذات.
فصل (ما يتوقف عليه قطع الوساوس)
السر في توقف قطع الوساوس بالكلية على التصفية و التخلية أولا، ثم المواظبة على ذكر اللّه: إن بعد حصول هذه الأمور للنفس تحصل لقوتها العاقلة ملكة الاستيلاء و الاستعلاء على القوى الشهوية و الغضبية و الوهمية، فلا تتأثر عنها و تؤثر فيها على وفق المصلحة، فتتمكن من ضبط الواهمة و المتخيلة بحيث لو أرادت صرفهما عن الوساوس لأمكنها ذلك، و لم تتمكن القوتان من الذهاب في أودية الخواطر بدون رأيها، و إذا حصلت للنفس هذه الملكة و توجهت إلى ضبطهما كلما أرادتا الخروج عن الانقياد و الذهاب في أودية الوساوس و تكرر منها هذا الضبط، حصل لهما ثبات الانقياد بحيث لم يحدث فيهما خاطر سوء مطلقا، بل لم يخطر فيهما إلا خواطر الخير من خزائن الغيب و حينئذ تستقر النفس على مقام الاطمئنان، و تنسد عنها أبواب الشيطان و تنفتح فيها أبواب