اللعين ربما يلبس بين طريق الحق و الباطل و يعرض الشر في موضع الخير، بحيث يظن أنه لمة الملك و إلهامه، لا وسوسة الشيطان و إغواؤه، فيهلك و يضل من حيث لا يعلم، كما يلقى في قلب العالم أن الناس لكثرة غفلتهم أشرفوا على الهلاك، و هم من الجهل موتى، و من الغفلة هلكى، أ ما لك رحمة على عباد اللّه؟أ ما تريد الثواب و السعادة في العقبى؟فما بك لا تنبههم عن رقدة الغفلات بوعظك، و لا تنقذهم من الهلاك الأبدي بنصحك؟و قد من اللّه عليك بقلب بصير و علم كثير و لسان ذلق و لهجة مقبولة!فكيف تخفى نعم اللّه تعالى و لا تظهرها؟فلا يزال يوسوسه بأمثال ذلك و يثبتها في لوح نفسه، إلى أن يسخره بلطائف الحيل و يشتغل بالوعظ، فيدعوه إلى التزين و التصنع و التحسن بتحسين اللفظ، و السرور بتملق الجماعة، و الفرح بمدحهم إياه، و الانبساط بتواضعهم لديه، و انكسارهم بين يديه، لا يزال في أثناء الوعظ يقرر في قلبه شوائب الرياء و قبول العامة، و لذة الجاه و حب الرياسة، و التعزز بالعلم و الفصاحة، و النظر إلى الخلق بعين الحقارة، فيهدى الناس و يضل نفسه و يعمر يومه و يخرب أمسه، و يخالف اللّه و يظن أنه في طاعته، و يعصيه و يحسب انه في عبادته، فيدخل في جملة من قال اللّه فيهم: