و كون الشرك أعظم الكبائر الموبقة و موجبا لخلود النار مما لا ريب فيه، و قد انعقد عليه إجماع الأمة، و الآيات و الأخبار الواردة به خارجة عن حد الإحصاء.
ثم للشرك مراتب تظهر في بحث ضده الذي هو التوحيد، و الشرك و إن كان شعبة من الجهل، كما أن التوحيد الذي هو ضده من أفراد اليقين و العلم فذكرهما على حدة لم يكن لازما هنا، إلا أنه لما كان المتعارف ذكر التوحيد في كتب الأخلاق. فنحن أيضا ذكرنا له عنوانا على حدة تأسيا بها، و أشرنا إلى لمعة يسيرة منه، إذ الاستقصاء فيه و الخوض في غمراته مما ليس في وسعنا و لا يليق هنا، فإن التوحيد هو البحر الخصم الذي لا ساحل له.
وصل (التوحيد في الفعل)
ضد الشرك (التوحيد) ، و هو إما توحيد في أصل الذات بمعنى عدم تركيب خارجي و عقلي في ذاته تعالى و عينية وجوده و صفاته لذاته، و يلزمه كونه تعالى صرف الوجود و بحته، أو توحيد في وجوب وجوده بمعنى نفي الشرك في وجوب الوجود عنه (و لا بحث لنا هنا عن إثبات هذين القسمين، لثبوتهما في الحكمة المتعالية) ، أو توحيد في الفعل و التأثير و الإيجاد، بمعنى أن لا فاعل و لا مؤثر إلا هو، و هو الذي نذكر هنا مراتبه و ما يتعلق به فنقول:
هذا التوحيد-على ما قيل-له أربع مراتب: قشر: و قشر القشر، و لب