(تنبيه) قد تبين أن للطب الروحاني أسوة بالطب الجسماني. و القانون في معالجة الأمراض الجسمانية أن يعرف جنس المرض أولا، ثم الأسباب و العلامات، ثم يبين كيفية العلاج. و العلاج فيه إما كلي يتناول جميع الأمراض، أو جزئي يختص بمرض دون مرض، فكذلك الحال في الطب الروحاني. و نحن نشير إلى ذلك في فصول:
فصل (طريق معرفة الأمراض النفسانية)
الأمراض النفسانية هي انحرافات الأخلاق عن الاعتدال. و طريق معرفتها: أنك قد عرفت أن القوى الإنسانية محصورة في أنواع ثلاثة:
(أحدها) قوة التمييز، (و ثانيها) قوة الغضب و يعبر عنها بقوة الدفع، (و ثالثها) قوة الشهوة و يعبر عنها بقوة الجذب. و انحراف كل منها إما في الكمية او في الكيفية، و الانحراف في الكمية إما للزيادة من الاعتدال أو للنقصان عنه، و الانحراف في الكيفية إنما يكون برداءتها. فأمراض كل قوة إما بحسب الإفراط أو التفريط، أو بحسب رداءة الكيفية.
فالإفراط في قوة التمييز: كالجربزة و الدهاء، و التجاوز عن حد النظر، و المبالغة في التنقير [1] ، و التوقف في غير موضعه للشبه الواهية، و الحكم على المجردات بقوة الوهم، و إعمال الذهن في إدراك ما لا يمكن دركه، و التفريط فيه كالبلاهة، و قصور النظر عن درك مقدار الواجب، كإجراء أحكام المحسوسات على المجردات. و الرداءة كالسفسطة في الاعتقاد، و الميل