و الجواب عن الأوّل أنّا لا ننكر أن يكون أصل اشتقاق [3] هذه اللّفظة يقتضى ما ذكروه [4]، و [5] لكنّه اختصّ بالعرف بما ذكرناه، و لذلك نظائر، لأنّ قولهم «دابّة» اشتقّ من الدّبيب، ثمّ اختصّ [6] بالعرف ببعض ما يدبّ، و قولنا «ملائكة» مشتق من الألوكة، و هي الرّسالة، و اختصّ ببعض الرّسل، و أمثال ذلك [7] لا تحصى [8] و الجواب عمّا ذكروه ثانيا أنّه [9] تعالى كنى [10] عن المتحاكمين مضافا إلى كنايته عن الحاكم عليهما، فالمصدر قد يضيفه [11] أهل اللّغة إلى الفاعل و المفعول جميعا، و هذا من بليغ الفصاحة.
و من أجاب عن هذا الوجه بأنّ العبارة بالجمع هاهنا كانت للتّعظيم، كما قال تعالى: «إِنَّا[12] نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ، وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ» غلط، لأنّ التّعظيم على عادة أهل اللّغة إنّما هو في إدخال المخاطب النّون في كلامه، و ما جرت عادتهم بأن يخاطبوا