و فيه- مضافا إلى لزوم اللغوية، و منافاتها للحكمة، كمنافاة جمع الضدّين-: إنّ الحكم الجدّي كيف يمكن توجيهه و ضدّه إلى المكلّف؟ و هذا غير معقول، إذ الحكم الجدّي هو الحكم بشرط شيء، و شرط شيء و شرط عدمه لا يجتمعان ذاتا، مع أنّه لا معنى للحكم الفعلي الذي لا تنجّز له، فتأمّل.
الجواب: الوجه الثاني [الجمع بين الحكمين بنحو الترتّب]
الثاني: ما ذكره الشيخ الحائري في: «الدرر» نقلا عن أستاذيه المحققين:
الفشاركي و الميرزا محمّد تقي الشيرازي (قدّس سرّهم)، و هو: الجمع بين الحكمين بنحو الترتّب، و تقريبه: أنّ الحكم الواقعي يعرض على الموضوع بلحاظ حالات الموضوع المتقدّمة على الحكم، و أمّا لحاظ الموضوع مشكوكا حكمه الواقعي، فلا يمكن في الحكم الواقعي، فيكون موضوع الحكم الظاهري متأخّرا عن نفس الحكم الواقعي بمرتبة واحدة، و عن موضوعه بمرتبتين، فلا يمكن أخذه فيه، و هذا هو الذي ذكره الشيخ ; في الرسائل.
و أورد عليه: بأنّ الواقعي غير مقيّد بالعلم فيشمل مورد الجهل، فيتعارض الحكمان، أمّا في غير الجهل من الاضطرار و السفر و غيرهما، فيسقط الحكم الواقعي الأوّلي.
ثمّ إنّ الفشاركي- بنقل الحائري- أضاف: بأنّ الأحكام تتعلّق بالمفاهيم الذهنية من حيث إنّها حاكية عن الخارج، و موضوع الواقعي: المتجرّد عن الحكم، و الظاهري: المشكوك حكمه، و لا يمكن الجمع بين لحاظي: التجرّد، و اللّاتجرّد.