و فيه: إنّه لا يوجب القطع بالحكم الشرعي، لعدم درك العقل كلّ المصالح و المفاسد المادّية و المعنوية و المزاحمات و المعارضات و غيرها ممّا له دخل في الحكم نفيا أو إثباتا، و الحكم الشرعي مبتن على مجموعها.
المحتمل الثاني [حصول القطع بالحكم الشرعى بواسطة درك العقل الحسن و القبح]
2- درك العقل الحسن و القبح، و بقاعدة الملازمة: كلّما حكم به العقل حكم به الشرع، نصل إلى الحكم الشرعي.
و الفرق بينهما: إنّ الأوّل مقتض، و الثاني علّة تامّة.
و فيه: كما عن الشيخ- إنّ قاعدة الملازمة تامّة إذا كانت في سلسلة العلل، و أمّا في سلسلة المعلومات كحسن طاعة المولى، و قبح عصيانه فيكون الحكم العقلي تابعا للشرعي، فكيف يستكشف الشرعي منه؟
أقول: تقدّم في مباحث التجرّي جوابه و هو: إنّ في الثبوت العقل تابع، و لكن في الاثبات الشرع تابع، كالنهار و طلوع الشمس.
إذن: فلا مانع من استكشاف الحكم الشرعي من العقلي مطلقا.
لكن فيه: إنّ العقل لا يدرك الحسن و القبح في الجزئيات، لابتنائهما على ما لا يتناهى- في علمنا- من المصالح و المفاسد التي لا يحيط بهما عقل الإنسان، فلا يحصل قطع بالحكم الشرعي، لا أنّه إذا حصل ليس حجّة.
إذن: كلّما حكم به العقل إنّما يحكم به الشرع إذا كان ملاك ما يدركه عقلنا هو كلّ ملاك حكم الشرع، و أنّى لأحد بإثباته؟
إن قلت: يدرك العقل الحسن و القبح بقدر الطاقة البشرية.
قلت:- مضافا إلى اختلاف البشر في الطاقة- هذا لا يوجب القطع بالحكم