اذا لم يعلموها من غيرهم و عرفوا يسيره و تيسيره و انه كان يؤاكل الصبيان و يأكل طعام عامة المسلمين و أهل الكتاب و الذميين و يتوضأ في آنيتهم من غير بحث و يغتسل هو و المرأة من نسائه من الجنابة في اناء واحد دفعة واحدة تختلف أيديهم فيه و انه صلى مرة و هو حامل امامة بنت أبى العاص بن الربيع على ظهره اذا قام حملها و اذا سجد وضعها فانه كان يتوضأ باسار الدواب و يصغى الاناء للهرة حتى تشرب منه و توضأ هو و أصحابه من مزادة مشتركة و انه لم ينقل انه تردد في التكبير و لا تلفظ بقول أصلى و ما بعده و قد أوجب اللّه علينا اتباعه في الأفعال و الأقوال على كل حال فقال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌو قال تعالى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِو قال تعالى وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِو أخبرنا تعالى ان الشيطان يقعد لنا في طرق الطاعات كما سيوصله لنا في المخالفات فقال تعالى مخبرا عنه لاقعدن لهم صراطك المستقيم منصوب باضمار أسألك (كان يغتسل هو و المرأة من نسائه الى آخره) أخرجه بهذا اللفظ أحمد و البخاري عن أنس (و انه صلى مرة و هو حامل امامة الى آخره) أخرجه الشيخان و غير هما قال العلماء فيه دليل لتغليب الاصل على الظاهر كما هو أحد قولى الشافعى و ذلك لان الغالب نجاسة ثوب الصبي و غيره من بدنه و فيه جواز ادخال الصبي غير المميز المسجد اذا أمن منه التنجيس و فيه عدم بطلان الصلاة بالعمل القليل و فيه اللطف بالصغار و الرفق بهم (و يصغي) أى يميل (وضوء) بفتح الواو (و توضأ هو و أصحابه) في حديث ذات المزادتين (من مزادة) بفتح الميم ثم زاى هي القربة العظيمة سميت بذلك لانه يجعل في رأسها زيادة (قُلْ) يا محمد لليهود و النصارى الذين زعموا انهم أبناء اللّه و أحباؤه أو لقريش الذين زعموا انهم انما يعبدون الاصنام حبا للّه تعالى و تقربا إليه (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ) فعلامة محبته اتباعي (فَاتَّبِعُونِي) أي اتبعوا شريعتى و سنتي (يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) فاني رسوله إليكم و حجته عليكم (وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) بين ذلك كيفية محبته و انها ليست ميل القلب الذي تنزه عنه تعالي و انما المراد ثناؤه عليهم و ثوابه لهم و عفوه عنهم (وَ أَنَ) بكسر الالف و تشديد النون على الاستئناف للكسائي و بفتحها لغيره ما عدا ابن عامر فانه يقرأ بكسر الهمزة و تخفيف النون و على قراءة الاكثر قال الفراء و اتل عليكم ان (هذا) يعنى دين الاسلام (صِراطِي) أى طريقي و ديني (مُسْتَقِيماً) أي مستويا لا عوج فيه (فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) أى الطرق المختلفة التي عدا هذه الطريق كسائر ملل الكفر و قيل أراد الاهواء و البدع (فَتَفَرَّقَ) أى فتتفرق أي تميل (بِكُمْ) و تتشتت (عَنْ سَبِيلِهِ) أي طريقه و دينه الذي ارتضى و به أوصى (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ) أي لا جلسن لبني آدم (صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) أى دينك القائم