الايمان يمان و الحكمة يمانية فمنهم فروة بن مسيك المرادى اليمنى و لما قدم على رسول اللّه (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) قال له هل ساءك ما أصاب قومك يوم الردم و هو يوم كان لهمدان علي مراد قال يا رسول اللّه (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) من ذا يصيب قومه مثل ما أصاب قومي يوم الردم لا يسوؤه ذلك فقال رسول اللّه (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) أما ان ذلك لم يزد قومك في الاسلام إلّا خيرا و استعمله رسول اللّه (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) على مراد و زبيد و مذحج كلها و بعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة فأقام عنده حتى توفي النبي (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) و من قول فروة بن مسيك في يوم الردم
فان نغلب فغلابون قدما* * * و ان نغلب فغير مغلبينا
و ما ان طبنا جبن و لكن* * * منايانا و دولة آخرينا
كذاك الدهر دولته محال* * * تكر صروفه حينا فحينا
ابن خراش الازدى و هم انصار دين اللّه و هم الذين يحبهم اللّه و يحبونه (الايمان يمان) فيه نوع من انواع البديع و هو على ظاهره و المراد به اليمن و أهله حقيقة وصفوا بذلك لان من اتصف بشيء و قوى قيامه به نسب ذلك الشيء إليه استعارة لتميزه به و كان حالة فيه من غير نفي عن غيرهم زاد مسلم و الفقه يمان (و الحكمة يمانية) بتخفيف الياء التحتية و الحكمة ما تكمل به النفوس من المعارف و الاحكام و هي السنة أو القرآن أو فهمه أو الفقه في الدين أو العلم أو العمل به أو كل صواب من القول أو وضع الاشياء مواضعها أقوال قال النووي و قد صفى لنا من هذه الاقوال انها عبارة عن العلم المتصف بالاحكام المشتمل على المعرفة باللّه تعالى المصحوب بنفاذ البصيرة و تهذيب النفس و تحقيق الحق و العمل به و الصد عن اتباع الهوى و الباطل و الحكيم من له ذلك و قال ابن دريد كل كلمة و عظتك أو زجرتك أو دعتك الى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهى حكمة و من الحديث أن من الشعر حكمة و في ذلك منقبة لاهل اليمن و المراد الموجودون في زمنه 6 من أهل اليمن لا كل أهل اليمن في كل زمان قال النووي و السيوطي و غيرهم (فمنهم فروة) على لفظ الفروة الكساء المعروف (ابن مسيك) بالتصغير (المرادي) بضم الميم و بالراء نسبة الى مراد (يوم الردم) بفتح الراء و سكون المهملة قرية بالبحرين (مثل ما) بالرفع (و زبيد) بالتصغير بطن من مذحج (فان نغلب) مبنى للفاعل (فغلابون) جمع غلاب و هو من يغلب كثيرا (و ان نغلب) مبني للمفعول (فغير مغلبينا) بالف الاطلاق فيه و في البيت الذي بعده (فما) نافية (ان) زائدة (طبنا) بالمهملة فالموحدة فالنون مفتوحات أي أمرضنا و صيرنا مجبنين كالرجل المطبوب أي المسحور قال ابن الانباري الطب من الاضداد يقال لعلاج الداء طب و يقال للداء طب و بكسر الطاء و فتحها مع ضم الموحدة أي عادتنا (جبن) خور و ضعف بنا أي لم يكن سبب قتلنا ذا الجبن (و لكن) تلك (منايانا) حان أجلها (و دولة) بضم الدال و فتحها قوم (آخرينا) علينا بعد ان كانت الدولة لنا عليهم (محال) بكسر الميم قوية و في بعض النسخ سجال و هي أنسب بالكلام و ان كانت الاولى صحيحة