و هو أشده على فيفصم عنى و قد وعيت عنه ما قال و أحيانا يتمثل لى الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول قالت عائشة و لقد رأيته ينزل عليه الوحى في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه و ان جبينه ليتفصد عرقا أى يسيل و ورد في الصحيح أيضا انه كان يأتي النبي (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) بين أصحابه فيكلمه في صورة سائل مستفت على صورة دحية بن خليفة و أصله من الجرس بفتح الجيم و سكون الراء و هو الصوت الخفي و يقال بكسر أوله (و هو أشده على) قال السيوطي سبب هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى و الدرجات (فيفصم عني) بفتح أوله و سكون الفاء و كسر المهملة من فصم أى يقلع و ينجلي ما يغشاني و الفصم هو القطع بلا ابانة و أما القصم بالقاف فقطع مع ابانة و انفصال و معنى الحديث ان الملك يفارقه على ان يعود و لا يفارقه مفارقة قاطع لا يعود و يروى بضم أوله من افصم و يروى بالبناء للمفعول (وعيت) بفتح المهملة أى فهمت و حفظت و يقال في المال و المتاع أوعيت (يتمثل) أى يتصور بتصوير اللّه عز و جل (الملك) اللام فيه للعهد أى جبريل كما صرح به في رواية عبيد بن سعيد (رجلا) أي مثل رجل فنصبه على المصدر و قيل تمييز و قيل حال على تأويله بمشتق أي مرئيا محسوسا قال المتكلمون الملائكة أجسام علوية لطيفة تتشكل أي شكل أرادوا أي باذن اللّه عز و جل و قال عبد الملك إمام الحرمين معنى تمثل جبريل ان اللّه تعالى أفنى الزائد من خلقه و أزاله عنه ثم يعيده إليه و جزم ابن عبد السلام بالازالة دون الفناء و قال البلقيني يجوز ان يكون أتى بشكله الاصلي من غير فناء و لا ازالة الا انه انضم فصار على قدر هيئة الرجل و اذا ترك ذلك عاد الى هيئته و مثال ذلك القطن اذا جمع بعد أن كان منتفشا فانه بالنفش يحصل له صورة كبيرة و ذاته لم تتغير و هذا على سبيل التقريب. قال السيوطى و الحق ان تمثل الملك رجلا ليس معناه ان ذاته انقلبت رجلا بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه و الظاهر أيضا ان القدر الزائد لا يزول و لا يفنى بل يخفى على الرائى فقط (فيكلمنى) بالكاف و صحفه البيهقي بالعين (فاعي ما يقول) عبر فى الشق الاول بلفظ الماضى و هنا بلفظ المستقبل قال السيوطى لان الوعى حصل في الاول قبل الفصم و في الثاني عقب المكالمة و كان هذا أهون عليه كما أخرجه أبو عوانة في صحيحه و روي ابن سعد من طريق ابن سلمة الماجشون أنه بلغه أن النبي 6 كان يقول كان الوحي يأتينى على نحوين يأتينى به جبريل فيلقيه على كما يلقى الرجل على الرجل فذاك ينفلت منى و يأتينى في مثل صلصلة الجرس حتى يخالط قلبى فذاك الذي لا ينفلت منى (الشديد البرد) بالاضافة غير المحضة (ليتفصد) بالفاء و تشديد المهملة من الفصد و هو قطع العرق لإسالة الدم و صحف من رواها بالقاف. قال العسكري ان ثبت فهو من قولهم تقصد الشيء اذا تكسر و تقطع و لا يخفي بعده (عرقا) بالنصب على التمييز (أي يسيل) سيلان العرق المفصود من كثرة العرق (و ورد في) الحديث (الصحيح) في الصحيحين و غيرهما (دحية) بكسر الدال و فتحها و سكون الحاء المهملتين ثم تحتية مخففة هو (ابن خليفة) بالمعجمة و الفاء بوزن عظيمة ابن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن عامر