(1) اختلف فقهاء الفريقين في أن وجوب أداء الحج بعد تحقق شرائطه فوري أو لا؟
وينبغي في البداية استعراض جملة من كلماتهم في هذا المجال، ولنبدأ أولاً بكلمات أتباع المذاهب الأربعة فنقول ..
أما الحنفية فقد قال القاساني [1] ــ وهو من أشهر مصنفيهم ــ: إنه قد (ذكر أبو سهل الزجاجي الخلاف في المسألة بين أبي يوسف ومحمد ــ تلميذي أبي حنيفة ــ فقال: في قول أبي يوسف يجب على الفور وفي قول محمد على التراخي، وهو قول الشافعي. وروي عن أبي حنيفة مثل قول أبي يوسف، وروي عنه مثل قول محمد). وقال ابن نجيم [2] : (وأما كونه على الفور فهو قول أبي يوسف وأصح الروايتين عن أبي حنيفة). وقال الزيلعي [3] : (هو واجب على الفور عند أبي يوسف، وعن أبي حنيفة ما يدل عليه. وعند محمد والشافعي (رحمهما الله) على التراخي).
فيظهر من ذلك أن أبا حنيفة لم ينص على رأيه في المسألة ولكن ربما كان في كلامه ما يشير إلى اختياره القول بالفور، وقد اختلف الحنفية لاختلاف تلميذيه.
وأما المالكية فقد قال القرطبي [4] ــ وهو من مشاهيرهم ــ أنه: (دل الكتاب والسنة على أن الحج على التراخي لاعلى الفور. وهو تحصيل مذهب مالك فيما ذكر ابن خويز منداد، وهو قول الشافعي ومحمد بن الحسن وأبي يوسف في رواية عنه. وذهب بعض البغداديين من المتأخرين من المالكيين إلى أنه على