يعرب الاسم من وسطه. أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ داخل في الصلة و الهاء و الميم يعود على الذين. و في «عليهم» خمس لغات قرئ بها كلّها. قرأ ابن أبي إسحاق [1] أنعمت عليهمو [2] بضم الهاء و إثبات الواو، و هذا هو الأصل أن تثبت الواو كما تثبت الألف في التثنية. و قرأ الحسن أنعمت عليهمي [3] بكسر الهاء و إثبات الياء و كسر الهاء لأنه كره أن يجمع بين ياء و ضمة، و الهاء ليس بحاجز حصين و أبدل من الواو ياء لما كسر ما قبلها، و قرأ أهل المدينة عَلَيْهِمْ[4] بكسر الهاء و إسكان الميم، و هي لغة أهل نجد، و قرأ حمزة [5] و أهل الكوفة عَلَيْهِمْ بضم الهاء و إسكان الميم فحذفوا الواو لثقلها و إنّ المعنى لا يشكل إذ كان يقال في التثنية: عليهما، و اللغة الخامسة قرأ بها الأعرج عليهمو بكسر الهاء و الواو، و حكي لغتنا شاذّتان و هما ضمّ الهاء و الميم بغير واو و كسرهما بغير ياء. و قال محمد بن يزيد: و هذا لا يجوز لأنه مستقبل فإن قيل: فلم قيل: منه فضمّت الهاء؟فالجواب أن النون في «منه» ساكنة. قال أبو العباس: و ناس من بني بكر بن وائل يقولون: عليكم فيكسرون الكاف كما يكسرون الهاء لأنها مهموسة مثلها و هي إضمار كما أنّ الهاء إضمار، و هذا غلط فاحش لأنها ليست مثلها في الخفاء. غَيْرِ اَلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ خفض على البدل من الذين و إن شئت نعتا. قال ابن كيسان: و يجوز أن يكون بدلا من الهاء و الميم في عليهم، و روى الخليل ; عن عبد اللّه بن كثير [6]غَيْرِ اَلْمَغْضُوبِ[7] بالنصب قال الأخفش: هو نصب على الحال، و إن شئت على الاستثناء قال أبو العباس: هو استثناء ليس من الأول. قال الكوفيون: لا يكون استثناء لأن بعده «و لا» ، و لا تزاد «لا» في الاستثناء. قال أبو جعفر: و ذا لا يلزم لأن فيه معنى النفي، و قال: «غير المغضوب عليهم» و لم يقل:
المغضوبين لأنه لا ضمير فيه. قال ابن كيسان: هو موحّد في معنى جمع و كذلك كل فعل المفعول إذا لم يكن فيه خفض مرفوع، نحو المنظور إليهم و المرغوب فيهم، و اَلْمَغْضُوبِ بإضافة غير إليه و عَلَيْهِمْ في موضع رفع لأنه اسم ما لم يسمّ فاعله.
[1] ابن أبي إسحاق: عبد اللّه بن زيد بن الحارث الحضرمي البصري، أحد الأئمة في القراءات و العربية.
أخذ القراءة عن يحيى بن يعمر و نصر بن عاصم. (ت 127 هـ) . ترجمته في: (بغية الوعاة 2/42، و غاية النهاية 1/410) .
[2] انظر مختصر في شواذ القرآن 1، و المحتسب 1/44. و البحر المحيط 1/146.
[3] انظر الحجة لابن خالويه 39، و الحجة للفارسي 1/42.
[4] حمزة بن حبيب أبو عمارة الكوفي، أحد القرّاء السبعة (ت 156 هـ) . ترجمته في (غاية النهاية 1/261) .