نام کتاب : إحياء الأراضي الموات نویسنده : محمود المظفر جلد : 1 صفحه : 83
و قد استدل لهم صاحب الاستخراج [1] ببعض النصوص و منها ما رواه الكرماني كما تقدم عن عمر قوله- و هو يجيب طلب بعض الناس من أبى بكر بإحياء بعض الأراضي الموات-: «إن الأرض فيء للمسلمين، فإن رضي جميع المسلمين بهذا فأعطهم و إلا فليس أحد أحق بها من أحد، و ليس لهؤلاء أن يأكلوها دونهم». و منها ما رواه الشعبي عن على قال: «إن ناسا قدموا من البحرين على ابن عباس بالبصرة فقالوا: إن بأرضنا أرضا ليس لأحد من الناس قد خربت منذ آباد الدهر فاعطناها، فكتب لهم إلى على، فلحقوه بالكوفة، فقال: الأرض فيء للمسلمين ما خرج منها فهو بينهم سواء، و لو رضوا كلهم أعطيتكموه و لكن لا يحل لي أن أعطيكم ما لا أملك».
و الحقيقة إن الاستدلال بهاتين الروايتين على الملكية يصلح لسائر الأراضي الموات في اعتبارها فيئا أو مملوكة إلى الدولة، و لا يخص موات العنوة أو السواد وحده، لما في الروايتين من شمول وسعة. لا سيما و أن الرواية الأخيرة جاءت في أراضي البحرين و هي من الأراضي التي فتحت صلحا [2].
هذا، و الظاهر أن رأى الإمام أحمد في ذلك. لا يختلف من حيث الأصل عن رأي القائلين بالإباحة من المذاهب الآتية الأخرى، و ذلك لأن حكمه في ملكية موات السواد إلى الدولة هو حكم خاص لا يسرى على غيره من أنواع الموات حسبما يبدو، بدليل إن التعليل كان منصبا على قسم السواد خاصة، إذ قام الخليفة عمر بمسح العامر و الغامر فيه معا، مما جعل الغامر- و هو الموات هنا- يأخذ حكم العامر في ملكيته إلى الدولة و في شموله بضريبة الخراج.