نام کتاب : إحياء الأراضي الموات نویسنده : محمود المظفر جلد : 1 صفحه : 185
3- أما العامل الثالث فهو: المنع من تحجير و إقطاع الزائد عن حدود القدرة الشخصية.
. فقد روى [1] عن الرسول 6 أنه كان يخص إقطاعه بالقادر من الناس، و لذلك ذكروا أن الخليفة عمر بن الخطاب قال لبلال بن الحارث- و كان قد أقطعه الرسول العقيق أجمع-: «إن رسول اللّه لم يقطعك لتحتجره عن الناس. إنما أقطعك لتعمل، فخذ ما قدرت على عمارته و رد الباقي» [2].
و لا شك أن هذا الحكم بتخصيص الإقطاع بالقادر على الإحياء، و مثله حكم التحجير فيما صرح به بعضهم- كما سنرى- هو من أبرز العوامل للحد من تضخيم الإقطاعيات و نشوء الملكيات الكبيرة.
يقول الرملي [3]- و هو من الشافعية الذين هم أظهر من ورد عنهم التصريح بهذا الحكم- يقول: «و لا يقطع الإمام إلا قادرا على الإحياء حسا و شرعا و قدرا يقدر عليه، و كذا المتحجر لا ينبغي أن يقطع من مريده إلا فيما يقدر على إحيائه، و إلا فلغيره إحياء الزائد، و الأوجه حرمة تحجير زائد على ما يقدر عليه لأن فيه منعا لمريد الإحياء بلا حاجة».
و في موضع آخر قال نفسه [4]: «فإن زاد على كفايته- أى التحجير- فلغيره إحياء الزائد، كما قاله المتولي، و ما سواه باق على تحجره فيه، و أما ما لا يقدر عليه حالا بل مآلا فلا حق له فيه».
و قال السبكي- و هو من الشافعية أيضا-: «قالوا لا يزيد المتحجر على قدر كفايته أو لا يتحجر ما لا يمكنه القيام بعمارته، فإن فعل قال
[1]. السبكي في الابتهاج «خطي»، و الداودي في الأموال «خطي».