يحتمل معان عديدة الأول: احتمال كون المراد هو مطلق سير البريدين كما أشير الى هذا المعنى سابقا. الثاني: ان الأربعة المجردة و بشرط لا من الفراسخ لا يكفي في وجوب التقصير بل لا بد لها من ضم شيء عليها مطلقا من دون تحديد فيه بأربعة بل و لو كان أقل منها كفى أيضا. الثالث: اعتبار نفس الأربعة التامة منها في الرجوع كما اعتبرت كذلك في الذهاب و قد نطق به بعض الاخبار و هذا هو المعنى الذي فهمه المشهور منه. الرابع: تشبيه البريدين الملفقين من الذهاب و الرجوع فيها بالبريدين الامتداديين و جعلهما مثلهما كما هو مقتضى الصنف الأول من الروايات اما لكون التلفيق المزبور محققا و محصلا لموضوع المسافة و اما لكونهما مثلهما في الحكم من وجوب القصر.
و لا يخفى ان ثلاثة منها لا وجه لها في المقام.
اما الأول منها فلاستلزامه وجوب التقصير في سير فرسخ دوري بأن دار عليه ثمانية مرات فلازمه كونه سفرا و الحال ان الإجماع على خلافه.
و اما الثالث فلاستلزامه التكرار لان قوله 7 قبل هذه العلة صريح في ان المسافة لا يتحقق الا بالبريدين و ان الأربعة المجردة لا يكفي في وجوب القصر و هو قوله 7: «بريد ذاهب و بريد جاء» [1] فلو حملنا العلة المذكورة على هذا المعنى يكون تكرارا و لغوا.
و اما الرابع فلانة لا بد ان يكون وجه الشبه في نفس المشبه به أظهر و اجلى و ليس المقام كذلك.
فاذن يتعين المعنى الثاني و هو ان الأربعة المجردة لا يكفي في وجوب التقصير بل لا بد فيه من ضم شيء عليه كي يحقق موضوع المسافة.
و الحاصل ان لنا اخبارا تحدد المسافة بالبريدين الامتداديين و اخبارا أخرى تحددها بالأربعة و بالبريد و اخبارا تحددها بالأربعة ذاهبا و بالأربعة جائيا فمقتضى لسان المجموع ان الأربعة الذهابية الامتدادية لا محيص عنها في وجوب القصر و لا يجوز
[1] الرواية رقم 14 و 15 في الباب 2 رواية واحدة عند المصنف.