أقول : ما ذكراه من التنافي ممنوع فان الزكوات و الاخماس و غيرهما من الماليات الاسلامية و ان جعلت و
شرعت لها مصارف خاصة من قبل الله - تعالي - و لكن كلها ضرائب للحكومة الاسلامية، و جعل ولي امر
المسلمين وليا عليها، و اليه فوض كيفية صرفها في مصارفها حسب ما يراه من المصلحة . كما تدل عليه
الاخبار، كصحيحة الحلبي و خبر الدعائم المتقدمتين و غيرهما. و لذا
وجب في عصر النبي 6 و الائمة (ع) تحويلها اليهم و لم يجز للمالكين الاستبداد بصرفها الا باذنهم .
و علي هذا فيجوز للامام ان يستأجر العامل، و ان يجعل له جعلا، و ان يعطيه صلة و هدية بعدما عمل تبرعا و
نحوه الفقيه في عصر الغيبة، فان الحكومة الاسلامية لا تتعطل و يجب تشكيلها و ادارتها في كل عصر و
مكان، و يصدق علي جميع انحاء الصرف أنها صرف هذه الضريبة الخاصة . فلو فوض الي احد ادارة
مؤسسة، أو حوزة علمية، أو جامعة علمية، و جعل لذلك ميزانية وسيعة، و جعلت تحت اختياره فهو
يصرفها فيها علي حسب ما يراه مصلحة، فقد يستأجر الصناع أو الاساتذة أو الامكنة، و قد يجعل لهم جعالة،
و قد يهدي الي عظمائهم منها بعدما عملوا امرا مهما. و كل ذلك يصدق عليه ان صرف لهذه الميزانية .
و كأننا لتعودنا علي عدم البرنامج و النظم في امورنا، نتوهم ان ادارة الحكومات و المؤسسات و صرف
ميزانياتها يجب ان تكون بلا نظم و ترتيب و حساب، و ان التعيين و التقدير لمدة الاعمال أو الاجور ينافي
طبع الميزانيات المعينة و صرفها في مصارفها الخاصة . مع ان نطاق الحكومة اذا اتسعت فلا مجال لترك
البرنامج و النظم فيها.
و لا يراد بصحيحة الحلبي ان الامام يجب ان يعطي اجر المصدق بلا تعيين، بل المراد ان الشارع لم يقدر له
مقدارا خاصا لا يزيد و لا ينقص .
و لعل النظر في هذه الصحيحة و رواية الدعائم و نحوهما الي رد ما افتي به الزهري و غيره و تبعهم الشافعي
من تعين الثمن للعامل و انه يجب البسط علي الاصناف الثمانية علي السواء.
و بالجملة التنافي بين كون ما يعطي للعامل زكاة و بين كونها بنحو الاجرة أو الجعل ممنوع، فان التعيين يعود
الي ولي امر الزكاة، و الاصناف الثمانية مصارف للزكاة لا ملا ك لها. و لو سلم فمالكيتهم نظير مالكية الصغار
حيث ان اختيار اموالهم بيد القيم لهم، يصرفها
نام کتاب : كتاب الزكوة نویسنده : منتظري، حسينعلي جلد : 2 صفحه : 410