و قد مر عن المعتبر في رد ابي حنيفة قوله : "و لانها لو كانت اجرة لافتقر الي تقدير العمل أو المدة أو تعيين
الاجرة، و كل ذلك منفي بعمل النبي 6 و الائمة بعده".
و المصنف أيضا كماتري خير بين الاستيجار و الجعالة و عدم التعيين . و هو الاقوي، بل مما لا ريب فيه كما
في المدارك . هذا.
و لكن يظهر من الجواهر التنافي بين ما ذكرناه سابقا من كون سهم العامل صدقة و بين التعيين بنحو الاجرة،
قال : "حيث تقدر للعامل اجرة يخرج عن كونه مصرفا للزكاة، ضرورة ملكه لها بعقد الاجارة، و لذا وجب
الاتمام من بيت المال . بل لو لم يأت بشئ، أو ذهب ما جاء به اخذ من الامام (ع) ما يستحقه . و من المعلوم
ان المراد من الاية اعطاء العامل من الصدقات علي وجه الصدقة، و هو الذي لم يقدر له شي" [1]
.
و توهم هذا التنافي و اوضحه و فصله في المستمسك بما حاصله : "ان مقتضي الاية الشريفة - و لا سيما
بقرينة السياق - كون استحقاق العامل منها بجعل الشارع فيعطي مجانا، لا بجعل الامام بعنوان المعاوضة . و
حينئذ فلو جعل الامام للعامل شيئا بطريق الجعالة أو الاجارة لم يكن ذلك مما هو مجعول بالاية الشريفة، بل
كان تصرفا منه نافذا حسب ولايته، نظير اجرة المكان و قيمة العلف . و حينئذ يشكل ما ذكره الاصحاب من
التخيير بين الاجارة و الجعالة، و لا سيما بملاحظة ما في صحيح الحلبي ... و العمل في الاية يراد منه الولاية
الخاصة المجانية، كما يقتضيه سياقها و اجماع الاصحاب علي اعتبار شروط خاصة فيه، و الا فلا ينبغي
التأمل في جواز استيجار من يفقد جميع هذه الشروط. و الولاية هنا كسائر الموارد نظارة علي العمل، لانفس
العمل الذي يبذل بازائه الاجر و الجعل . و يشهد له تعديته ب- "علي". فهذه الولاية من شؤون ولاية الامام
ليست ملحوظة مالا ليبذل بازائها المال، و الا كان حال العامل حال السائس و الراعي و البيطار و نحوهم ممن
اجرة عمله كأجرة المكان و اجرة النقل من المصارف التي لا يعطي مالكها بقصد التصدق عليه بل بقصد أداء
حقه" [2]
.