فالاولي، مختار اصحابنا و اكثر فقهاء السنة . و خالف فيها ابو حنيفة .
و الثانية، كأنها اجماعية لا خلاف فيها.
قال في الخلاف (كتاب قسمة الصدقات، المسألة 23): "خمسة اصناف من اهل الصدقات لا يعطون الا مع
الفقر بلا خلاف، و هم الفقراء، و المساكين، و الرقاب، و الغارم في مصلحة نفسه، و ابن السبيل المنشئ
لسفره . و اما العامل يعطي مع الفر و الغني بلا خلاف . و عندنا انه يأخذ الصدقات صدقة دون الاجرة . و به قال
الشافعي . و قال ابو حنيفة : يأخذه اجرة ... دليلنا اجماع الفرقة و عموم الاية ... و اما الدليل علي ان سهم العامل
صدقة دون الاجرة انه لا خلاف ان آل الرسول لا يجوز ان يتولوا الصدقة، و لو كان ذلك اجرة لجاز لهم ان
يتولوها كسائر الاجارات".
و في بدائع الصنائع في فقه الحنفية : "ما يستحقه العامل انما يستحقه بطريق العمالة، لا بطريق الزكاة . بدليل انه
يعطي و ان كان غنيا بالاجماع . و لو كان ذلك صدقة لما حلت للغني . و بدليل انه لو حمل زكاته بنفسه الي
الامام لا يستحق العامل منها شيئا" [1]
.
اقول : لا يخفي الخدشة في دليله . اذ المحرم للغني هو سهم الفقير و المسكين لا مطلقا، و لذا لا يشترط الفقر
في سبيل الله و ابن السبيل ايضا. و الموضوع هو العامل، و مع انتفاء العمل ينتفي الموضوع قهرا.
و استدل في المعتبر علي كونها صدقة بالاية الشريفة، قال : "فمقتضي النص التسوية بين الفقراء و العاملين
في الاستحقاق . و لانها لو كانت اجرة لافتقر الي تقدير العمل أو المدة أو تعيين الاجرة، و كل ذلك منفي
بعمل النبي 6 و الائمة (ع) بعده . و لانه لو كان اجرة لما منع منها آل الرسول" [2]
.
و كيف كان فظاهر الاية و الروايات و فتاوي الاصحاب ان سهم العامل كسهم الفقير صدقة و زكاة استحقها
بجعل الله - تعالي . و كونه في قبال عمله لم يخرجه عن عنوان الصدقة