و فيه ايضا: "اذا جاء رجل الي الامام أو الساعي و ذكر انه لا مال له و لا كسب و سأله ان يعطيه شيئا من الزكاة
فان عرف الامام صدقه اعطاه . و ان عرف كذبه لم يعطه . و ان جهل حاله نظر، فان كان جلدا في الظاهر اعطاه .
و قيل انه يحلف لانه يدعي امرا يخالف الظاهر. و قيل انه لا يحلف و هو الاقوي . و اما اذا كان ضعيفا في
الظاهر فانه يعطيه من الصدقة و لا يحلفه، لان الظاهر موافق لما يدعيه . فان ادعي هذا السائل انه يحتاج الي
الصدقة لاجل عياله فهل يقبل قوله ؟ قيل فيه قولان : احدهما يقبل قوله بلا بينة . و الثاني لا يقبل الا ببينة، لانه
لا يتعذر. و هذا هو الاحوط. هذا فيمن لا يعرف له اصل مال، فاذا عرف له اصل مال فادعي انه تلف و انه
محتاج لا يقبل قوله الا ببينة، لان الاصل بقاء المال" [1]
.
و قد تعرض للمسألة في المعتبر و التذكرة و المنتهي و المختلف بالتفصيل، فراجع [2]
.
و مما في المنتهي قوله : "و لو ادعي المريض أو الشيخ أو الشاب الذي هو ضعيف البنية للعجز عن الحركة و
الاكتساب قبل قوله اجماعا، لانه يدعي ما يشهد له الظاهر بصدقه".
و ظاهره كون المراد بالاجماع اجماع المسلمين . و كأنه يظهر من الكلمات التسالم علي قبول الدعوي
اجمالا في الضعيف بالنسبة الي نفسه مع عدم سبق المال، و كأنهم متفقون في هذه الصورة .
و انما الخلاف فيمن سبق له المال، و في القوي ، و فيمن طالب الصدقة لعياله . هذا.
و في المقنع لابن قدامة : "ان ادعي الفقر من عرف بالغني لم يقبل قوله الا ببينة، و ان ادعي الفقر من لم يعرف
بالغني قبل قوله، لان الاصل عدم الغني [3]
.
فاذا عرفت بعض الكلمات في المقام فنقول استدلوا لقبول الدعوي بوجوه كثيرة .
الاول : اصالة عدم المال، كما في المبسوط و المنتهي .
و فيه اولا: عدم الاطراد، لعدم جريانه فيمن كان له مال فادعي تلفه .