أقول : الظاهر ان المسألة ليست من المسائل الاصلية المأثورة عن الائمة (ع) بل من المسائل التفريعية
الاستنباطية . و لذا لا تجدها في الكتب الموضوعة لنقل المسائل المأثورة كالنهاية و المقنعة و الهداية و
المقنع و المراسم و الغنية و نحوها. و انما تعرض لها الشيخ في خلافه و في مبسوطه الموضوع للتفريعات
علي ما صرح به في اول المبسوط. و قد ذكرنا غير مرة عدم حجية الاجماع و الاتفاق في هذا السنخ من
المسائل المستنبطة من القواعد و الاصول باعمال النظر، نظير المسائل العقلية النظرية . فاتمام المسألة من
طريق الاجماع و الاتفاق فضلا عن الشهرة مشكل .
و العجب من صاحب الحدائق مع انكاره لحجية الاجماع من رأس ذكر من ادلة المسألة هنا اتفاق الاصحاب
علي الحكم، فراجع .
و كيف كان ففي الخلاف (كتاب قسمة الصدقات، المسألة 12): "اذا طالب من ظاهره القوة و الفقر، و لا يعلم
انه قادر علي التكسب اعطي من الزكاة بلا يمين . و للشافعي فيه قولان : احدهما مثل ما قلناه، و الثاني انه
يطالب بالبينة علي ذلك . دليلنا ما قلناه في المسألة الاولي سواء" [1]
.
و في المسألة 11 قال : "دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم" [2]
. و لكن لا ربط لتلك المسألة بمسألتنا.
و المعتاد من الشيخ ارجاع احدي المسألتين الي الاخري اذا كانتا متناسبتين، و كأنهما شقا مسألة واحدة . فمن
المحتمل سقوط مسألة هنا، فقد كان قبل مسألتنا هذه مسألة مطالبة الشخص الذي ظاهره الضعف، ثم عنون
هنا مطالبة من ظاهره القوة .
و في المبسوط: "فالفقراء و المساكين اذا ادعي انسان انه منهم و طلب ان يعطي من الصدقة فان لم يكن عرف
له مال فالقول قوله و يعطي من غير بينة و لا استحلاف، لان الاصل عدم المال . و ان عرف له مال و ادعي ذهابه
و تلفه لم يقبل قوله الا ببينة، لان الاصل بقاء المال" [3]
.