و اجاب عن ذلك في الجواهر ما حاصله : "انه لا تنافي بين التقية و بين الندب علي ان تكون التقية بالتعبير عن
الندب بما ظاهره الوجوب اعتمادا علي قرينة خارجية و جمعا بين التقية و الواقع . و دعوي ان المراد بالامر
حينئذ الوجوب تقية فلا دليل علي الندب يدفعها اصالة حجية قول المعصوم، و انه في مقام بيان حكم شرعي
واقعي . و كما ان التقية في مقام العمل تقتصر فيها علي اقل ما تندفع به كذلك المستعمل فيها من قول
المعصوم . و من ذلك ما نحن فيه، ضرورة امكان كون التقية في ذلك التعبير الذي ذكرناه، فيبقي الندب بعد
معلومية عدم ارادة الوجوب" [1]
.
و محصل كلامه ان مفاد الامر ينحل الي الطلب، و خصوصية الوجوب . و التقية تندفع برفع اليد عن
خصوصية الوجوب، فيبقي اصل الطلب مرادا، اذ الضرورات تتقدر بقدرها.
اقول : مبني كلامه استعمال الامر في الوجوب، و كونه مركبا من اصل الطلب و المنع من الترك كما اشتهر. و
كلاهما فاسدان، اذ الوجوب و الاستحباب ليسا مفادا للفظ بحيث يستعمل فيهما، بل الصيغة وضعت للبعث
و التحريك القولي في قبال التحريك العملي . و ان شئت قلت : وضعت للطلب و هو امر بسيط.
نعم، البعث و الطلب من قبل المولي موضوع لحكم العقل بلزوم الاطاعة و استحقاق العقاب علي المخالفة،
الا ان يرخص المولي بنفسه في الترك . فما وضع له اللفظ و استعمل فيه هو البعث، و الوجوب حكم العقل
يحكم به علي الطلب المجرد عن الترخيص . كما ان الاستحباب ينتزع عن الطلب المقارن للترخيص .
و لو سلم تركب الوجوب فهو تركيب عقلي تحليلي ، فلا تسري التقية في بعض اجزائه دون الاخر.
نعم، لو كان هنا لفظان و دار الامر بين حمل احدهما علي التقية أو كليهما صح ما ذكره من ان الضرورات
تتقدر بقدرها، فيحفظ اصالة الجهة في احدهما، فتأمل .
و الحاصل ان اشكال صاحب الحدائق قوي ، و لا يندفع بما في الجواهر، و لا يلزم ان تكون