و ثانيا: ان الاستصحاب حكم شرعي تعبدي ، و ليس حكم العقلاء معلقا علي عدم جريان الحكم الشرعي .
و قال السيد الاستاذ، الامام - مد ظله - في جواب المحقق النائيني ما حاصله : "ان تحكيم الاستصحاب علي
بعض الادلة بتنقيح أو رفع انما هو في الادلة اللفظية، لا في مثل بناء العقلاء. فانه ان ثبت بناؤهم في مورد
مسبوقية اليد بالاجارة و نحوها فلا تأثير للاستصحاب . و ان لم يثبت سقطت عن الحجية . كان هنا
استصحاب شرعي ، أولا. و تعليق بنائهم علي عدم قيام حجة شرعية كما تري" [1]
.
و الاولي أن يقال : ان اليد امارة عقلائية امضاها الشارع . و قوله : "من استولي علي شئ منه فهو له"، أيضا ليس
الا ارشادا الي ذلك . و مبني حكم العقلاء غلبة كون اليد و الاستيلاء الكامل بنحو الملكية، و حيث ان هذه
الغلبة لا توجد في اليد المسبوقة بالامانة أو العدوان، بل تكون بالعكس فلا تكون امارة في هذه الصورة قهرا
و لا بناء لهم . و لا أقل من الشك ، فلا تثبت الحجية . نعم، لو قيل بكونها امارة تأسيسية من قبل الشارع، أو أصلا
عمليا اعتمادا علي الاحاديث الواردة فيمكن أن يقال : ان عموم قوله : "من استولي علي شئ فهو له" محكم .
و لكن الظاهر كما عرفت كونها امارة عقلائية . فالمتبع بناؤهم و سيرتهم، فتدبر.
ثم اعلم ان الاستاذ - مد ظله - قال في المقام ما حاصله : "اذا علم حال اليد و انها حدثت علي وجه الغصب أو
الامانة فتارة لا يكون في مقابل ذي اليد مدع، و تارة يكون و لم يرفع أمره الي الحاكم، و ثالثة رفع اليه .
اما في الصورة الاولي : فتارة يدعي ذو اليد الملكية و الانتقال اليه، و تارة لا يدعي . فان ادعاها فلا يبعد ان
يترتب علي ما في يده آثار الملكية في غير الغاصب . و اما فيه فالظاهر عدمه . و هل يكون ترتيب الاثار من
جهة انه مدع بلا معارض، أو من جهة قبول دعوي ذي اليد، أو من جهة اليد المقارنة للدعوي ؟ الظاهر انه من جهة احدي الاخيرتين . و لهذا