و لعل الظاهر من الكليني أيضا اختيار ذلك و ان الزكاة في جميع الحبوب فانه عنون ثلاثة أبواب متوالية :
الاول : باب ما وضع رسول الله 6 الزكاة عليه، و ذكر صحيحة الفضلاء و خبر الحضرمي ثم كلام يونس
[1]
. الثاني : باب ما يزكي من الحبوب، و ذكر
أخبار ثبوت الزكاة في سائر الحبوب و ظاهر عنوانه الوجوب . الثالث : باب مالا تجب فيه الزكاة مما تنبت
الارض من الخضر و غيرها.
و لعل يونس أراد الجمع بين ما دل علي وضع رسول الله 6 الزكاة في تسعة و بين ما دل علي وضعه في
غيرها أيضا كما في صحيحة زرارة حيث قال : جعل رسول الله 6 الصدقة في كل شئ انبتت الارض الا ما
كان في الخضر و البغول و كل شئ يفسد من يومه [2]
.
و لكن كلامه لايفيد في الجمع بين جميع الاخبار اذ المستفاد من أخبار الطائفة الثانية حصر الزكاة في
التسعة بعد النبي 6 أيضا فضلا عن عصره .
الثاني : حمل ما دل علي الزكاة في غير التسعة علي الاستحباب . اختاره المفيد في المقنعة و تلميذه الشيخ
الطوسي - قدس سرهما - في التهذيبين .
ففي المقنعة ما حاصله : "ويزكي ساير الحبوب ... سنة مؤكدة دون فريضة واجبة و ذلك انه قد ورد في زكاة
ساير الحبوب آثار عن الصادقين (ع) مع ماورد في حصرها في التسعة و قد ثبت ان أخبارهم لاتتناقض فلم
يكن لنا طريق الي الجمع بينها الا اثبات الفرض فيما أجمعوا علي وجوبه فيه و حمل ما اختلفوا فيه مع
عدم ورود التأكيد في الامر به علي السنة المؤكدة ...".
و في التهذيب : "انهامحمولة علي الندب و الاستحباب دون الفرض و الايجاب و انما قلنا ذلك
لئلاتتناقض الاخبار...". و نحو ذلك في الاستبصار.
و مرجع كلامهما بتوضيح منا ان أخبار الطائفة الثانية نص علي عدم الزكاة في غير التسعة و الطائفتان
الاخيرتان ظاهرتان في ثبوتها في ما عدا التسعة أيضا. فترفع اليد عن الظهور بقرينة النص فيحمل ما دل
علي الزكاة في غير التسعة علي الاستحباب عملا بالدليلين و رفعا لتناقض الاخبار، و الجمع مهما أمكن
أولي من الطرح .
أقول : الجمع العرفي بين الدليلين مما يقبله العرف و الوجدان كما في حمل المطلق علي المقيد و
تخصيص العام بالمخصص، و اما الجمع التبرعي بين الدليلين المتناقضين بحسب الظاهر باعمال الدقة
العقلية فاعتباره بحيث يصير أساسا للفتوي كما في المقام محل اشكال و الاستحباب كسائر الاحكام
يحتاج الي دليل شرعي يدل عليه و ليس في أخبار الباب اسم منه فكيف نفتي به
[1] الوسائل ج 6 الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة، الحديث 4 و 5
[2] الوسائل ج 6 الباب 9 من أبواب ما تجب فيه الزكاة، الحديث 6
نام کتاب : كتاب الزكوة نویسنده : منتظري، حسينعلي جلد : 1 صفحه : 159