responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 8  صفحه : 156

فيئس من نفسه، و قال: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‌. فقال بعض من حوله: إن من يطلب مثل الّذي تطلب لا يبكى إذا نزل به هذا، فقال: أما و اللَّه لست أبكى على نفسي، و لكن أبكى على الحسين، و آل الحسين، إنه قد خرج إليكم اليوم أو أمس من مكة، ثم التفت إلى محمد بن الأشعث فقال: إن استطعت أن تبعث إلى الحسين على لساني تأمره بالرجوع فافعل، فبعث محمد بن الأشعث إلى الحسين يأمره بالرجوع فلم يصدق الرسول في ذلك، و قال: كل ما حم الإله واقع. قالوا: و لما انتهى مسلم بن عقيل إلى باب القصر إذا على بابه جماعة من الأمراء من أبناء الصحابة ممن يعرفهم و يعرفونه، ينتظرون أن يؤذن لهم على ابن زياد، و مسلم مخضب بالدماء في وجهه و ثيابه، و هو مثخن بالجراح، و هو في غاية العطش، و إذا قلة من ماء بارد هنالك فأراد أن يتناولها ليشرب منها فقال له رجل من أولئك: و اللَّه لا تشرب منها حتى تشرب من الحميم، فقال له: ويلك يا ابن ناهلة، أنت أولى بالحميم و الخلود في نار الجحيم منى، ثم جلس فتساند إلى الحائط من التعب و الكلال و العطش، فبعث عمارة بن عقبة بن أبى معيط مولى له إلى داره فجاء بقلة عليها منديل و معه قدح، فجعل يفرغ له في القدح و يعطيه فيشرب فلا يستطيع أن يسيغه من كثرة الدماء التي تعلو على الماء مرتين أو ثلاثا، فلما شرب سقطت ثناياه مع الماء فقال: الحمد للَّه لقد كان بقي لي من الرزق المقسوم شربة ماء، ثم أدخل على ابن زياد، فلما وقف بين يديه لم يسلم عليه، فقال له الحرسي: ألا تسلم على الأمير؟! فقال: لا! إن كان يريد قتلى فلا حاجة لي بالسلام عليه، و إن لم يرد قتلى فسأسلم عليه كثيرا، فأقبل ابن زياد عليه فقال: إيه يا ابن عقيل، أتيت الناس و أمرهم جميع و كلمتهم واحدة لتشتتهم و تفرق كلمتهم و تحمل بعضهم على قتل بعض؟ قال: كلا لست لذلك أتيت، و لكن أهل المصر زعموا أن أباك قتل خيارهم و سفك دماءهم، و عمل فيهم أعمال كسرى و قيصر، فأتيناهم لنأمر بالعدل و ندعو إلى حكم الكتاب. قال:

و ما أنت و ذاك يا فاسق؟ لم لا كنت تعمل بذلك فيهم إذ أنت بالمدينة تشرب الخمر؟. فقال: أنا أشرب الخمر! و اللَّه إن اللَّه ليعلم أنك غير صادق، و أنك قلت بغير علم، و أنت أحق بذلك منى، [فانى لست كما ذكرت، و إن أولى بها منى من يلغ في دماء المسلمين ولغا، و يقتل النفس التي حرم اللَّه بغير نفس، و يقتل على الغضب و الظن، و هو يلهو و يلعب كأنه لم يصنع شيئا. فقال له ابن زياد:

يا فاسق إن نفسك تمنيك ما حال اللَّه دونك و دونه، و لم يرك أهله، قال: فمن أهله يا ابن زياد؟ قال:

أمير المؤمنين يزيد. قال: الحمد للَّه على كل حال، رضينا باللَّه حكما بيننا و بينكم. قال: كأنك تظن أن لكم في الأمر شيئا؟ قال: لا و اللَّه ما هو بالظن و لكنه اليقين. قال له: قتلني اللَّه إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد في الإسلام من الناس. قال: أما إنك أحق من أحدث في الإسلام ما لم يكن فيه،

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 8  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست