responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 8  صفحه : 155

و أخرج عبيد اللَّه بعض الأمراء و أمرهم أن يركبوا في الكوفة يخذلون الناس عن مسلم بن عقيل، ففعلوا ذلك، فجعلت المرأة تجي‌ء إلى ابنها و أخيها و تقول له: ارجع إلى البيت، الناس يكفونك و يقول الرجل لابنه و أخيه: كأنك غدا بجنود الشام قد أقبلت فما ذا تصنع معهم؟ فتخاذل الناس و قصّروا و تصرّموا و انصرفوا عن مسلم بن عقيل حتى لم يبق إلا في خمسمائة نفس، ثم تقالّوا حتى بقي في ثلاثمائة ثم تقالوا حتى بقي معه ثلاثون رجلا، فصلى بهم المغرب و قصد أبواب كندة فخرج منها في عشرة، ثم انصرفوا عنه فبقي وحده ليس معه من يدله على الطريق، و لا من يؤانسه بنفسه، و لا من يأويه إلى منزله، فذهب على وجهه و اختلط الظلام و هو وحده يتردد في الطريق لا يدرى أين يذهب، فأتى بابا فنزل عنده و طرقه فخرجت منه امرأة يقال لها طوعة، كانت أم ولد للأشعث بن قيس، و قد كان لها ابن من غيره يقال له بلال بن أسيد، خرج مع الناس و أمه قائمة بالباب تنتظره، فقال لها مسلم بن عقيل: اسقني ماء فسقته، ثم دخلت و خرجت فوجدته، فقالت: أ لم تشرب؟ قال: بلى! قالت: فاذهب إلى أهلك عافاك اللَّه، فإنه لا يصلح لك الجلوس على بابي و لا أجمله لك، فقام فقال: يا أمة اللَّه ليس لي في هذا البلد منزل و لا عشيرة، فهل إلى أجر و معروف و فعل نكافئك به بعد اليوم؟

فقالت: يا عبد اللَّه و ما هو؟ قال أنا مسلم بن عقيل، كذبني هؤلاء القوم و غرّونى، فقالت: أنت مسلم؟

قال: نعم! قالت ادخل! فأدخلته بيتا من دارها غير البيت الّذي يكون فيه و فرشت له و عرضت عليه العشاء فلم يتعش، فلم يكن بأسرع من أن جاء ابنها فرآها تكثر الدخول و الخروج، فسألها عن شأنها فقالت: يا بنى اله عن هذا، فألح عليها فأخذت عليه أن لا يحدث أحدا، فأخبرته خبر مسلم، فاضطجع إلى الصباح ساكتا لا يتكلم. و أما عبيد اللَّه بن زياد فإنه نزل من القصر بمن معه من الأمراء و الاشراف بعد العشاء الآخرة فصلى بهم العشاء في المسجد الجامع، ثم خطبهم و طلب منهم مسلم بن عقيل و حث على طلبه، و من وجد عنده و لم يعلم به فدمه هدر، و من جاء به فله ديته، و طلب الشرط و حثهم على ذلك و تهددهم. فلما أصبح ابن تلك العجوز ذهب إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فأعلمه بأن مسلم بن عقيل في دارهم، فجاء عبد الرحمن فسارّ أباه بذلك و هو عند ابن زياد، فقال ابن زياد: ما الّذي سارّك به؟

فأخبره الخبر فنخس بقضيب في جنبه و قال: قم فأتنى به الساعة. و بعث ابن زياد عمر بن حريث المخزومي- و كان صاحب شرطته- و معه عبد الرحمن و محمد بن الأشعث في سبعين أو ثمانين فارسا، فلم يشعر مسلم إلا و قد أحيط بالدار التي هو فيها، فدخلوا عليه فقام إليهم بالسيف فأخرجهم من الدار ثلاث مرات، و أصيبت شفته العليا و السفلى، ثم جعلوا يرمونه بالحجارة و يلهبون النار في أطناب القصب فضاق بهم ذرعا، فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم، فأعطاه عبد الرحمن الأمان فأمكنه من يده، و جاءوا ببغلة فأركبوه عليها و سلبوا عنه سيفه فلم يبق يملك من نفسه شيئا، فبكى عند ذلك و عرف أنه مقتول،

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 8  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست