responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 51

فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلادا، و لا أقل مالا، و لا أشد عيشا منا. فسل لنا ربك الّذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، و ليبسط لنا بلادنا، و ليجر فيها أنهارا كأنهار الشام و العراق، و ليبعث لنا من مضى من آبائنا، و ليكن فيما يبعث لنا منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل؟ فان فعلت ما سألناك و صدقوك صدقناك و عرفنا به منزلتك عند اللَّه و أنه بعثك رسولا كما تقول. فقال لهم رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) «ما بهذا بعثت إنما جئتكم من عند اللَّه بما بعثني به فقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم، فان تقبلوه فهو حظكم في الدنيا و الآخرة، و إن تردوا على أصبر لأمر اللَّه حتى يحكم اللَّه بيني و بينكم» قالوا فان لم تفعل لنا هذا فخذ لنفسك فسل ربك أن يبعث لنا ملكا يصدقك بما تقول، و يراجعنا عنك، و تسأله فيجعل لنا جنانا و كنوزا و قصورا من ذهب و فضة، و يغنيك عما نراك تبتغي فإنك تقوم في الأسواق و تلتمس المعايش كما نلتمسه حتى نعرف فضل منزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم، فقال لهم «ما أنا بفاعل، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا، و ما بعثت إليكم بهذا، و لكن اللَّه بعثني بشيرا و نذيرا فان تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا و الآخرة، و إن تردوه على أصبر لأمر اللَّه حتى يحكم اللَّه بيني و بينكم». قالوا فاسقط السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فانا لن نؤمن لك إلا أن تفعل فقال: «ذلك إلى اللَّه إن شاء فعل بكم ذلك» فقالوا يا محمد ما علم ربك أنا سنجلس معك و نسألك عما سألناك عنه، و نطلب منك ما نطلب، فيتقدم إليك و يعلمك ما تراجعنا به، و يخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذا لم نقبل منك ما جئتنا به؟ فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن، و إنا و اللَّه لا نؤمن بالرحمن أبدا فقد أعذرنا إليك يا محمد، أما و اللَّه لا نتركك و ما فعلت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا. و قال قائلهم: نحن نعبد الملائكة و هي بنات اللَّه، و قال قائلهم: لن نؤمن لك حتى تأتينا باللَّه و الملائكة قبيلا. فلما قالوا ذلك قام رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) عنهم و قام معه عبد اللَّه بن أبى أمية بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمر بن مخزوم- و هو ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب- فقال يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله. ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من اللَّه فلم تفعل، ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب، فو اللَّه لا أو من لك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقى منه و أنا انظر حتى تأتيها و تأتى معك بنسخة منشورة و معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول. و أيم اللَّه لو فعلت ذلك لظننت أنى لا أصدقك. ثم انصرف عن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) و انصرف رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) إلى أهله حزينا أسفا لما فاته بما طمع فيه من قومه حين دعوه، و لما رأى من مباعدتهم إياه.

و هذا المجلس الّذي اجتمع عليه هؤلاء الملأ مجلس ظلم و عدوان و عناد، و لهذا اقتضت الحكمة الإلهية، و الرحمة الربانية، الا يجابوا إلى ما سألوا لأن اللَّه علم أنهم لا يؤمنون‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست