و ما ذاك الا أن قوما أفادهم* * * فخافوا تواص بالعقوق و بالكفر
عشية راحوا نحو بدر بجمعهم* * * و كانوا رهونا للركية من بدر
و كنا طلبنا العير لم نبغ غيرها* * * فساروا إلينا فالتقينا على قدر
فلما التقينا لم تكن مثنوية* * * لنا غير طعن بالمثقفة السمر
و ضرب ببيض يختلى الهام حدها* * * مشهرة الألوان بينّة الأثر
و نحن تركنا عتبة الغي ثاويا* * * و شيبة في قتلى تجرجم في الجفر
و عمرو ثوى فيمن ثوى من حماتهم* * * فشقت جيوب النائحات على عمرو
جيوب نساء من لؤيّ بن غالب* * * كرام تفرعن الذوائب من فهر
أولئك قوم قتّلوا في ضلالهم* * * و خلوا لواء غير محتضر النصر
لواء ضلال قاد إبليس أهله* * * فخاس بهم إن الخبيث إلى غدر
و قال لهم إذ عاين الأمر واضحا* * * برئت إليكم ما بيّ اليوم من صبر
فانى أرى ما لا ترون و إنني* * * أخاف عقاب اللَّه و اللَّه ذو قسر
فقدّمهم للحين حتى تورطوا* * * و كان بما لم يخبر القوم ذا خبر
فكانوا غداة البئر الفا و جمعنا* * * ثلاث مئين كالمسدمة الزهر
و فينا جنود اللَّه حين يمدنا* * * بهم في مقام ثمّ مستوضح الذكر
فشد بهم جبريل تحت لوائنا* * * لدا مأزق فيه مناياهم تجرى
و قد ذكر ابن إسحاق جوابها من الحارث بن هشام تركناها عمدا.
و قال على بن أبى طالب و أنكرها ابن هشام:
أ لم تر أن اللَّه أبلى رسوله* * * بلاء عزيز ذي اقتدار و ذي فضل
بما أنزل الكفار دار مذلة* * * فلاقوا هوانا من أسار و من قتل
فأمسى رسول اللَّه قد عز نصره* * * و كان رسول اللَّه أرسل بالعدل
فجاء بفرقان من اللَّه منزل* * * مبينة آياته لذوي العقل
فآمن أقوام بذلك و أيقنوا* * * فامسوا بحمد اللَّه مجتمعي الشمل
و أنكر أقوام فزاغت قلوبهم* * * فزادهم ذو العرش خبلا على خبل
و أمكن منهم يوم بدر رسوله* * * و قوما غضابا فعلهم أحسن الفعل
بأيديهم بيض خفاف عصوا بها* * * و قد حادثوها بالجلاء و بالصقل
فكم تركوا من ناشئ ذو حمية* * * صريعا و من ذي نجدة منهم كهل