نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 3 صفحه : 145
على ثم التفت إلينا رسول (صلّى اللَّه عليه و سلّم) فقال: «يا على أية [1] أخلاق للعرب كانت في الجاهلية- ما أشرفها- بها يتحاجزون في الحياة الدنيا». قال ثم دفعنا الى مجلس الأوس و الخزرج، فما نهضنا حتى بايعوا النبي (صلّى اللَّه عليه و سلّم). قال على: و كانوا صدقاء صبراء فسر رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) من معرفة أبى بكر رضى اللَّه عنه بانسابهم. قال فلم يلبث رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) الا يسيرا حتى خرج الى أصحابه فقال لهم:
«احمدوا اللَّه كثيرا فقد ظفرت اليوم أبناء ربيعة بأهل فارس، قتلوا ملوكهم و استباحوا عسكرهم و بى نصروا».
قال و كانت الوقعة بقراقر الى جنب ذي قار و فيها يقول الأعشى:
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي* * * و راكبها عند اللقاء و قلّت
هموا ضربوا بالحنو حنو قراقر* * * مقدمة الهامرز حتى تولت
فلله عينا من رأى من فوارس [2]* * * كذهل بن شيبان بها حين ولت
فثاروا و ثرنا و المودة بيننا* * * و كانت علينا غمرة فتجلت
هذا حديث غريب جدا كتبناه لما فيه من دلائل النبوة و محاسن الأخلاق و مكارم الشيم و فصاحة العرب و قد ورد هذا من طريق أخرى و فيه أنهم لما تحاربوا هم و فارس و التقوا معهم بقراقر- مكان قريب من الفرات- جعلوا شعارهم اسم محمد (صلّى اللَّه عليه و سلّم) فنصروا على فارس بذلك، و قد دخلوا بعد ذلك في الإسلام.
و قال الواقدي: أخبرنا عبد اللَّه بن وابصة العبسيّ عن أبيه عن جده قال: جاءنا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) في منازلنا بمنى و نحن نازلون بإزاء الجمرة الاولى التي تلى مسجد الخيف و هو على راحلته مرد فاخلفه زيد بن حارثة، فدعانا فو اللَّه ما استجبنا له و لا خيّر لنا، قال و قد كنا سمعنا به و بدعائه في المواسم، فوقف علينا يدعونا فلم نستجب له، و كان معنا ميسرة بن مسروق العبسيّ. فقال لنا: أحلف باللَّه لو قد صدقنا هذا الرجل و حملناه حتى نحل به وسط بلادنا لكان الرأى. فأحلف باللَّه ليظرن أمره حتى يبلغ كل مبلغ. فقال القوم دعنا منك لا تعرضنا لما لا قبل لنا به. و طمع رسول للَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) في ميسرة فكلمه فقال ميسرة: ما أحسن كلامك و أنوره، و لكن قومي يخالفوننى و إنما الرجل بقومه فإذا لم يعضدوه فالعدى [3] أبعد فانصرف رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و سلّم) و خرج القوم صادرين إلى أهليهم.
[1] كذا في السهيليّ و في الأصل: أبت أخلاق في الجاهلية ما أشرفها إلخ.
[2] هذا البيت و الّذي بعده لم نجدهما في ديوانه و لا في المراجع التي لدينا و كان في الأصل هكذا:
فيه عينا من رأى من فوارس* * * كذهل بن شيبان حتى ولت
[3] العدي بالكسر: الغرباء و الأجانب و الأعداء، و بالضم: الأعداء خاصة. من النهاية.
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 3 صفحه : 145