responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 89

و مائة و خمسين ألف درهم، و تحفا أخر، و أشياء لطيفة، فلما كان ليلة الاثنين الخامس عشر من صفر زفت السيدة ابنة الخليفة إلى دار المملكة، فضربت لها السرادقات من دجلة إلى دار المملكة، و ضربت الدبادب و البوقات عند دخولها إلى الدار، فلما دخلت أجلست على سرير مكلل بالذهب، و على وجهها برقع، و دخل الملك طغرلبك فوقف بين يديها فقبل الأرض، و لم تقم له و لم تره، و لم يجلس حتى انصرف إلى صحن الدار، و الحجاب و الأتراك يرقصون هناك فرحا و سرورا، و بعث لها مع الخاتون زوجة الخليفة عقدين فاخرين، و قطعة ياقوت حمراء، كبيرة هائلة، و دخل من الغد فقبّل الأرض و جلس على سرير مكلل بالفضة بإزائها ساعة، ثم خرج و أرسل لها جواهر كثيرة ثمينة و فرجية نسج بالذهب مكلل بالحب، و ما زال كذلك كل يوم يدخل و يقبل الأرض و يجلس على سرير بإزائها، ثم يخرج عنها و يبعث بالتحف و الهدايا، و لم يكن منه إليها شي‌ء، مقدار سبعة أيام، و يمد كل يوم من هذه الأيام السبعة سماطا هائلا، و خلع في اليوم السابع على جميع الأمراء، ثم عرض له سفر و اعتراه مرض فاستأذن الخليفة في الانصراف بالسيدة معه إلى تلك البلاد، ثم يعود بها، فأذن له بعد تمنع شديد، و حزن عظيم، فخرج بها و ليس معها من دار الخلافة سوى ثلاث نسوة، برسم خدمتها، و قد تألمت والدتها لفقدها ألما شديدا، و خرج السلطان و هو مريض مدنف مأيوس منه، فلما كانت ليلة الأحد الرابع و العشرين من رمضان جاء الخبر بأنه توفى في ثامن الشهر، فثار العيارون فقتلوا العميدي و سبعمائة من أصحابه، و نهبوا الأموال، و جعلوا يأكلون و يشربون على القتلى نهارا، حتى انسلخ الشهر و أخذت البيعة بعده لولد أخيه سليمان بن داود، و كان طغرلبك قد نص عليه و أوصى إليه، لأنه كان قد تزوج بأمه، و اتفقت الكلمة عليه، و لم يبق عليه خوف إلا من جهة أخى سليمان، و هو الملك عضد الدولة ألب أرسلان، محمد بن داود، فان الجيش كانوا يميلون إليه، و قد خطب له أهل الجبل و معه نظام الملك أبو على الحسن بن على بن إسحاق وزيره، و لما رأى الكندري قوة أمره خطب له بالري، ثم من بعده لأخيه سليمان بن داود.

و قد كان الملك طغرلبك حليما كثير الاحتمال، شديد الكتمان للسر، محافظا على الصلوات، و على صوم الاثنين و الخميس، مواظبا على لبس البياض، و كان عمره يوم مات سبعين سنة، و لم يترك ولدا، و ملك بحضرة القائم بأمر اللَّه سبع سنين و إحدى عشر شهرا، و اثنى عشر يوما، و لما مات اضطربت الأحوال و انتقضت بعده جدا، و عاثت الأعراب في سواد بغداد و أرض العراق، ينهبون، و تعذرت الزراعة إلا على المخاطرة، فانزعج الناس لذلك.

و فيها كانت زلزلة عظيمة بواسط و أرض الشام، فهدمت قطعة من سور طرابلس. و فيها وقع بالناس موتان بالجدري و الفجأة، و وقع بمصر وباء شديد، كان يخرج منها كل يوم ألف جنازة. و فيها

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست