responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 38

و ممن توفى فيها من الأعيان‌

أحمد بن كليب الشاعر

و هو أحد من هلك بالعشق، روى ابن الجوزي في المنتظم بسنده أن أحمد بن كليب هذا المسكين المغتر عشق غلاما يقال له أسلم بن أبى الجعد، من بنى خلد [1] و كان فيهم وزارة، أي كانوا وزراء للملوك و حجابا، فأنشد فيه أشعارا تحدث الناس بها، و كان هذا الشاب أسلم يطلب العلم في مجالس المشايخ فلما بلغه عن ابن كليب ما قال فيه استحى من الناس و انقطع في دارهم، و كان لا يجتمع بأحد من الناس، فازداد غرام ابن كليب به حتى مرض من ذلك مرضا شديدا، بحيث عاده منه الناس، و لا يدرون ما به، و كان في جملة من عاده بعض المشايخ من العلماء، فسأله عن مرضه فقال:

أنتم تعلمون ذلك، و من أي شي‌ء مرضى، و في أي شي‌ء دوائي، لو زارني أسلم و نظر إلى نظرة و نظرته نظرة واحدة لبرأت، فرأى ذلك العالم من المصلحة أن لو دخل على أسلم و سأله أن يزوره و لو مرة واحدة مخنفيا، و لم يزل ذلك الرجل العالم بأسلم حتى أجابه إلى زيارته، فانطلقا إليه فلما دخلا دربه و محلته تجبّن الغلام و استحى من الدخول عليه، و قال للرجل العالم: لا أدخل عليه، و قد ذكرني و نوّه باسمي، و هذا مكان ريبة و تهمة، و أنا لا أحب أن أدخل مداخل التهم، فحرص به الرجل كل الحرص ليدخل عليه فأبى عليه، فقال له: إنه ميت لا محالة، فإذا دخلت عليه أحييته. فقال:

يموت و أنا لا أدخل مدخلا يسخط اللَّه على و يغضبه، و أبى أن يدخل، و انصرف راجعا إلى دارهم، فدخل الرجل على ابن كليب فذكر له ما كان من أمر أسلم معه، و قد كان غلام ابن كليب دخل عليه قبل ذلك و بشّره بقدوم معشوقه عليه، ففرح بذلك جدا، فلما تحقق رجوعه عنه اختلط كلامه و اضطرب في نفسه، و قال لذلك الرجل الساعي بينهما: اسمع يا أبا عبد اللَّه و احفظ عنى ما أقول، ثم أنشده:

أسلم يا راحة العليل* * * رفقا على الهائم النحيل‌

وصلك أشهى إلى فؤادي* * * من رحمة الخالق الجليل‌

فقال له الرجل: ويحك اتّق اللَّه تعالى، ما هذه العظيمة؟ فقال: قد كان ما سمعت، أو قال القول ما سمعت. قال فخرج الرجل من عنده فما توسط الدار حتى سمع الصراخ عليه، و سمع صيحة الموت و قد فارق الدنيا على ذلك. و هذه زلة شنعاء، و عظيمة صلعاء، و داهية دهياء، و لو لا أن هؤلاء الأئمة ذكروها ما ذكرتها، و لكن فيها عبرة لأولى الألباب، و تنبيه لذوي البصائر و العقول، أن يسألوا اللَّه رحمته و عافيته، و أن يستعيذوا باللَّه من الفتن، ما ظهر منها و ما بطن، و أن يرزقهم حسن الخاتمة عند الممات إنه كريم جواد.

قال الحميدي: و أنشدنى أبو على بن أحمد قال: أنشدنى محمد بن عبد الرحمن لأحمد بن كليب و قد أهدى إلى أسلم كتاب الفصيح لثعلب:


[1] في النجوم الزاهرة: أسلم بن أحمد بن سعيد قاضى قضاة الأندلس.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست