responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 350

في طلب الأمان و وضع الحرب بينه و بينهم ثلاث سنين، و على أن يعيد لهم عسقلان و يهب له كنيسة بيت المقدس و هي القمامة، و أن يمكن النصارى من زيارتها و حجها بلا شي‌ء، فامتنع السلطان من إعادة عسقلان و أطلق لهم قمامة، و فرض على الزوار مالا يؤخذ من كل منهم، فامتنع الانكليز إلا أن تعادلهم عسقلان، و يعمر سورها كما كانت، فصمم السلطان على عدم الاجابة. ثم ركب السلطان حتى وافى يافا فحاصرها حصارا شديدا، فافتتحها و أخذوا الأمان لكبيرها و صغيرها، فبينما هم كذلك إذ أشرفت عليهم مراكب الانكليز على وجه البحر، فقويت رءوسهم و استعصت نفوسهم، فهجم اللعين فاستعاد البلد و قتل من تأخر بها من المسلمين صبرا بين يديه، و تقهقر السلطان عن منزلة الحصار إلى ما وراءها خوفا على الجيش من معرة الفرنج، فجعل ملك الانكليز يتعجب من شدة سطوة السلطان، و كيف فتح مثل هذا البلد العظيم في يومين، و غيره لا يمكنه فتحه في عامين، و لكن ما ظننت أنه مع شهامته و صرامته يتأخر من منزلته بمجرد قدومى، و أنا و من معى لم تخرج من البحر إلا جرائد بلا سلاح، ثم ألح في طلب الصلح و أن تكون عسقلان داخلة في صلحهم، فامتنع السلطان، ثم إن السلطان كبس في تلك الليالي الانكليز و هو في سبعة عشر مقاتلا، و حوله قليل من الرجالة فأكب بجيشه حوله و حصره حصرا لم يبق معه نجاة، لو صمم معه الجيش، و لكنهم نكلوا كلهم عن الحملة، فلا قوة إلا باللَّه، و جعل السلطان يحرضهم غاية التحريض، فكلهم يمتنع كما يمتنع المريض من شرب الدواء.

هذا و ملك الانكليز قد ركب في أصحابه و أخذ عدة قتاله، و أهبة نزاله، و استعرض الميمنة إلى آخر الميسرة، يعنى ميمنة المسلمين و ميسرتهم، فلم يتقدم إليه أحد من الفرسان، و لا نهره بطل من الشجعان، فعند ذلك كر السلطان راجعا، و قد أحزنه أنه لم ير من الجيش مطيعا، ف إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‌. و لو أن له بهم قوة لما ترك أحدا منهم يتناول من بيت المال فلسا. ثم حصل لملك الانكليز بعد ذلك مرض شديد، فبعث إلى السلطان يطلب فاكهة و ثلجا فأمده بذلك من باب الكرم، ثم عوفي لعنه اللَّه و تكررت الرسل منه يطلب من السلطان المصالحة لكثرة شوقه إلى أولاده و بلاده، و طاوع السلطان على ما يقول و ترك طلب عسقلان، و رضى بما رسم به السلطان، و كتب كتاب الصلح بينهما في سابع عشر شعبان، و أكدت العهود و المواثيق من كل ملك من ملوكهم، و حلف الأمراء من المسلمين و كتبوا خطوطهم، و اكتفى من السلطان بالقول المجرد كما جرت به عادة السلاطين، و فرح كل من الفريقين فرحا شديدا، و أظهروا سرورا كثيرا، و وقعت الهدنة على وضع الحرب ثلاثين سنة و ستة أشهر، و على أن يقرهم على ما بأيديهم من البلاد الساحلية، و للمسلمين ما يقابلها من البلاد الجبلية، و ما بينهما من المعاملات تقسم على المناصفة، و أرسل السلطان مائة نقاب صحبة

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 350
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست