responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 348

وصل إلى السلطان الأمير سيف الدين المشطوب من الأسر، و كان نائبا على عكا حين أخذت، فافتدى نفسه منهم بخمسين ألف دينار، فأعطاه السلطان شيئا كثيرا منها، و استنابه على مدينة نابلس، فتوفى بها في شوال من هذه السنة. و في ربيع الآخر قتل المركيس صاحب صور لعنه اللَّه، أرسل إليه ملك الانكليز اثنين من الفداوية فقتلوه: أظهرا التنصر و لزما الكنيسة حتى ظفرا به فقتلاه و قتلا أيضا، فاستناب ملك الانكليز عليها ابن أخيه بلام الكندهر، و هو ابن أخت ملك الأفرنسيين نسيين لأبيه، فهما خالاه، و لما صار إلى صور بنى بزوجة المركيس بعد موته بليلة واحدة، و هي حبلى أيضا، و ذلك لشدة العداوة التي كانت بين الانكليز و بينه، و قد كان السلطان صلاح الدين يبغضهما، و لكن المركيس كان قد صانعه بعض شي‌ء، فلم يهن عليه قتله.

و في تاسع جمادى الأولى استولى الفرنج لعنهم اللَّه على قلعة الداروم فخربوها، و قتلوا خلقا كثيرا من أهلها، و أسروا طائفة من الذرية، ف إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‌، ثم أقبلوا جملة نحو القدس فبرز إليهم السلطان في حزب الايمان، فلما تراءى الجمعان نكص حزب الشيطان راجعين، فرارا من القتال و النزال، و عاد السلطان إلى القدس. (وَ رَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً، وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَ كانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) ثم إن ملك الانكليز لعنه اللَّه- و هو أكبر ملوك الفرنج ذلك الحين- ظفر ببعض فلول المسلمين فكبسهم ليلا فقتل منهم خلقا كثيرا، و أسر منهم خمسمائة أسير، و غنم منهم شيئا كثيرا من الأموال و الجمال، و الخيل و البغال، و كان جملة الجمال ثلاثة آلاف بعير، فتقوى الفرنج بذلك، و ساء ذلك السلطان مساءة عظيمة جدا، و خاف من غائلة ذلك، و استخدم الانكليز الجمالة على الجمال، و الخربندية على البغال، و السياس على الخيل، و أقبل و قد قويت نفسه جدا، و صمم على محاصرة القدس، و أرسل إلى ملوك الفرنج الذين بالساحل، فاستحضرهم و من معهم من المقاتلة، فتعبأ السلطان لهم و تهيأ، و أكمل السور و عمر الخنادق، و نصب المنجانيق، و أمر بتغوير ما حول القدس من المياه، و أحضر السلطان أمراءه ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الآخرة: أبا الهيجاء السمين، و المشطوب، و الأسدية، فاستشارهم فيما قد دهمه من هذا الأمر الفظيع، الموجع المؤلم، فأفاضوا في ذلك، و أشاروا كل برأيه، و أشار العماد الكاتب بأن يتحالفوا على الموت عند الصخرة، كما كان الصحابة يفعلون، فأجابوا إلى ذلك. هذا كله و السلطان ساكت واجم مفكر، فسكت القوم كأنما على رءوسهم الطير، ثم قال: الحمد للَّه و الصلاة و السلام على رسول اللَّه: اعلموا أنكم جند الإسلام اليوم و منعته، و أنتم تعلمون أن دماء المسلمين و أموالهم و ذراريهم في ذممكم معلقة، و اللَّه عز و جل سائلكم يوم القيامة عنهم، و أن هذا العدو ليس له من المسلمين من يلقاه عن العباد و البلاد غيركم،

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست