responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 343

بهم و تحققوا إما الغرق أو القتل، خرقوا جوانبها كلها فغرقت، و لم يقدر الفرنج على أخذ شي‌ء منها لا من الميرة و لا من الأسلحة، و حزن المسلمون على هذا المصاب حزنا عظيما، ف إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‌، و لكن جبر اللَّه سبحانه هذا البلاء بأن أحرق المسلمون في هذا اليوم دبابة كانت أربع طبقات، الأولى من الخشب، و الثانية من رصاص، و الثالثة من حديد، و الرابعة من نحاس، و هي مشرفة على السور و المقاتلة فيها، و قد قلق أهل البلد منها بحيث حدثتهم أنفسهم من خوفهم من شرها بأن يطلبوا الأمان من الفرنج، و يسلموا البلد، ففرج اللَّه عن المسلمين و أمكنهم من حريقها، اتفق لهم ذلك في هذا اليوم الّذي غرقت فيه البطشة المذكورة، فأرسل أهل البلد يشكون إلى السلطان شدة الحصار و قوته عليهم، منذ قام ملك الانكليز لعنه اللَّه، و مع هذا قد مرض هو و جرح ملك الافرنسيين أيضا و لا يزيدهم ذلك إلا شدة و غلظة، و عتوا و بغيا، و فارقهم المركيس و سار إلى بلده صور خوفا منهم أن يخرجوا ملكها من يده. و بعث ملك الانكليز إلى السلطان صلاح الدين يذكر له أن عنده جوارح قد جاء بها من البحر، و هو على نية إرسالها إليه، و لكنها قد ضعفت و هو يطلب دجاجا و طيرا لتقوى به، فعرف أنه إنما يطلب ذلك لنفسه يلطفها به، فأرسل إليه شيئا كثيرا من ذلك كرما، ثم أرسل يطلب، فاكهة و ثلجا فأرسل إليه أيضا، فلم يفد معه الإحسان، بل لما عوفي عاد إلى شر مما كان، و اشتد الحصار ليلا و نهارا، فأرسل أهل البلد يقولون للسلطان إما أن تعملوا معنا شيئا غدا و إلا طلبنا من الفرنج الصلح و الأمان، فشق ذلك على السلطان، و ذلك لأنه كان قد بعث إليها أسلحة الشام و الديار المصرية و سائر السواحل، و ما كان غنمه من وقعة حطين و من القدس، فهي مشحونة بذلك، فعند ذلك عزم السلطان على الهجوم على العدو، فلما أصبح ركب في جيشه فرأى الفرنج قد ركبوا من وراء خندقهم، و الرجالة منهم قد ضربوا سورا حول الفرسان، و هم قطعة من حديد صماء لا ينفذ فيهم شي‌ء، فأحجم عنهم لما يعلم من نكول جيشه عما يريده، و تحدوه عليه شجاعته (رحمه اللَّه).

هذا و قد اشتد الحصار على البلد و دخلت الرجالة منهم إلى الخندق و علقوا بدنة في السور و حشوها و أحرقوها، فسقطت و دخلت الفرنج إلى البلد، فمانعهم المسلمون و قاتلوهم أشد القتال، و قتلوا من رءوسهم ستة أنفس، فاشتد حنق الفرنج على المسلمين جدا بسبب ذلك، و جاء الليل فحال بين الفريقين، فلما أصبح الصباح خرج أمير المسلمين بالبلد أحمد بن المشطوب فاجتمع بملك الافرنسيين و طلب منهم الأمان على أنفسهم، و يتسلمون منه البلد، فلم يجبهم إلى ذلك، و قال له: بعد ما سقط السور جئت تطلب الأمان؟ فأغلظ له ابن المشطوب في الكلام، و رجع إلى البلد في حالة اللَّه بها عليم، فلما أخبر أهل البلد بما وقع خافوا خوفا شديدا، و أرسلوا إلى السلطان يعلمونه بما وقع، فأرسل‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 343
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست