responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 342

صغير عثر به فرسه. و في ثانى عشر ربيع الأول وصل إلى الفرنج ملك الفرنسيين في قريب من ستين بطش ملعونة مشحونة بعبدة الصليب، فحين وصل إليهم و قدم عليهم لم يبق لأحد من ملوكهم معه كلام و لا حكم، لعظمته عندهم، و قدم معه باز عظيم أبيض و هو الأشهب، هائل، فطار من يده فوقع على سور عكا فأخذه أهلها و بعثوه إلى السلطان صلاح الدين، فبذل الفرنجى فيه ألف دينار فلم يجبه إلى ذلك، و قدم بعده كيد فرير و هو من أكابر ملوكهم أيضا، و وصلت سفن ملك الانكليز، و لم يجي‌ء ملكهم لاشتغاله بجزيرة قبرص و أخذها من يد صاحبها، و تواصلت ملوك الإسلام أيضا من بلدانها في أول فصل الربيع، لخدمة الملك الناصر. قال العماد: و قد كان للمسلمين لصوص يدخلون إلى خيام الفرنج فيسرقون، حتى أنهم كانوا يسرقون الرجال، فاتفق أن بعضهم أخذ صبيا رضيعا من مهده ابن ثلاثة أشهر، فوجدت عليه أمه وجدا شديدا، و اشتكت إلى ملوكهم فقالوا لها:

إن سلطان المسلمين رحيم القلب، و قد أذنا لك أن تذهبي إليه فتشتكى أمرك إليه، قال العماد فجاءت إلى السلطان فأنهت إليه حالها، فرق لها رقة شديدة حتى دمعت عينه. ثم أمر بإحضار ولدها فإذا هو قد بيع في السوق، فرسم بدفع ثمنه إلى المشترى، و لم يزل واقفا حتى جي‌ء بالغلام فأخذته أمه و أرضعته ساعة و هي تبكى من شدة فرحها و شوقها إليه، ثم أمر بحملها إلى خيمتها على فرس مكرمة (رحمه اللَّه تعالى) و عفا عنه.

فصل في كيفية أخذ العدو المخذول عكا من يدي السلطان قسرا

لما كان شهر جمادى الأولى اشتد حصار الفرنج لعنهم اللَّه لمدينة عكا، و تمالئوا عليها من كل فج عميق، و قدم عليهم ملك الانكليز في جم غفير، و جمع كثير، في خمسة و عشرين قطعة مشحونة بالمقاتلة و ابتلى أهل الثفر منهم ببلاء لا يشبه ما قبله، فعند ذلك حركت الكئوسات في البلد، و كانت علامة ما بينهم و بين السلطان، فحرك السلطان كوساته فاقترب من البلد و تحول إلى قريب منه، ليشغلهم عن البلد، و قد أحاطوا به من كل جانب، و نصبوا عليه سبعة منجانيق، و هي تضرب في البلد ليلا و نهارا، و لا سيما على برج عين البقر، حتى أثرت به أثرا بينا، و شرعوا في ردم الخندق بما أمكنهم من دواب ميتة، و من قتل منهم، و من مات أيضا ردموا به، و كان أهل البلد يلقون ما ألقوه فيه إلى البحر. و تلقى ملك الانكليز بطشة عظيمة للمسلمين قد أقبلت من بيروت مشحونة بالأمتعة و الأسلحة فأخذها، و كان واقفا في البحر في أربعين مركبا لا يترك شيئا يصل إلى البلد بالكلية، و كان بالبطشة ستمائة من المقاتلين الصناديد الأبطال، فهلكوا عن آخرهم (رحمهم اللَّه). فإنه لما أحيط

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست