responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 344

إليهم أن يسرعوا الخروج من البلد في البحر و لا يتأخروا عن هذه الليلة، و لا يبقى بها مسلم، فتشاغل كثير ممن كان بها لجمع الأمتعة و الأسلحة، و تأخروا عن الخروج تلك الليلة، فما أصبح الخبر إلا عند الفرنج من مملوكين صغيرين سمعا بما رسم به السلطان، فهربا إلى قومهما فأخبروهم بذلك، فاحتفظوا على البحر احتفاظا عظيما، فلم يتمكن أحد من أهل البلد أن يتحرك بحركة، و لا خرج منها شي‌ء بالكلية، و هذان المملوكان كانا أسيرين قد أسرهما السلطان من أولاد الفرنج، و عزم السلطان على كبس العدو في هذه الليلة، فلم يوافقه الجيش على ذلك، و قالوا لا نخاطر بعسكر المسلمين، فلما أصبح بعث إلى ملوك الفرنج يطلب منهم الأمان لأهل البلد على أن يطلق عدتهم من الأسرى الذين تحت يده من الفرنج، و يزيدهم صليب الصلبوت، فأبوا إلا أن يطلق لهم كل أسير تحت يده، و يطلق لهم جميع البلاد الساحلية التي أخذت منهم، و بيت المقدس، فأبى ذلك، و ترددت المراسلات في ذلك، و الحصار يتزايد على أسوار البلد. و قد تهدمت منه ثلم كثيرة، و أعاد المسلمون كثيرا منها، و سدوا ثغر تلك الأماكن بنحورهم (رحمهم اللَّه)، و صبروا صبرا عظيما، و صابروا العدو، ثم كان آخر الأمر وصولهم إلى درجة الشهادة، و قد كتبوا إلى السلطان في آخر أمرهم يقولون له:

يا مولانا لا تخضع لهؤلاء الملاعين، الذين قد أبوا عليك الاجابة إلى ما دعوتهم فينا، فانا قد بايعنا اللَّه على الجهاد حتى نقتل عن آخرنا، و باللَّه المستعان.

فلما كان وقت الظهر في اليوم السابع من جمادى الآخرة من هذه السنة، ما شعر الناس إلا و أعلام الكفار قد ارتفعت، و صلبانهم و نارهم على أسوار البلد، و صاح الفرنج صيحة واحدة، فعظمت عند ذلك المصيبة على المسلمين، و اشتد حزن الموحدين، و انحصر كلام الناس في‌ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‌، و غشي الناس بهتة عظيمة، و حيرة شديدة، و وقع في عسكر السلطان الصياح و العويل، و دخل المركيس لعنه اللَّه و قد عاد إليهم من صور بهدايا فأهداها إلى الملوك، فدخل في هذا اليوم عكا بأربعة أعلام الملوك فنصبها في البلد، واحدا على المئذنة يوم الجمعة، و آخر على القلعة، و آخر على برج الداوية، و آخر على برج القتال، عوضا عن أعلام السلطان، و تحيز المسلمون الذين بها إلى ناحية من البلد معتقلين، محتاط بهم مضيق عليهم، و قد أسروا النساء و الأبناء، و غنمت أموالهم، و قيدت الابطال و أهين الرجال، و الحرب سجال، و الحمد للَّه على كل حال.

فعند ذلك أمر السلطان الناس بالتأخر عن هذه المنزلة، و ثبت هو مكانه لينظر ما ذا يصنعون و ما عليه يعولون، و الفرنج في البلد مشغولون مدهوشون، ثم سار السلطان إلى العسكر و عنده من الهم ما لا يعلمه إلا اللَّه، و جاءت الملوك الإسلامية، و الأمراء و كبراء الدولة يعزونه فيما وقع، و يسلونه على ذلك، ثم راسل ملوك الفرنج في خلاص من بأيديهم من الأسارى فطلبوا منه عدتهم من أسراهم‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست