responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 337

الذين ساقوا وراءهم أقل من ألف، و إنما قتل من المسلمين عشرة أو دونهم، و هذه نعمة عظيمة، و قد أوهن هذا جيش الفرنج و أضعفهم، و كادوا يطلبون الصلح و ينصرفون عن البلد، فاتفق قدوم مدد عظيم إليهم من البحر مع ملك يقال له كيدهري، و معه أموال كثيرة فأنفق فيهم و غرم عليهم و أمرهم أن يبرزوا معه لقتال المسلمين، و نصب على عكا منجنيقين، غرم على كل واحد منهما ألفا و خمسمائة دينار، فأحرقهما المسلمون من داخل البلد، و جاءت كتب صاحب الروم من القسطنطينية يعتذر لصلاح الدين من جهة ملك الألمان، و أنه لم يتجاوز بلده باختياره، و أنه تجاوزه لكثرة جنوده، و لكن ليبشر السلطان بأن اللَّه سيهلكهم في كل مكان، و كذلك وقع، و أرسل إلى السلطان يخبره بأنه يقيم للمسلمين عنده جمعة و خطبا، فأرسل السلطان مع رسله خطيبا و منبرا، و كان يوم دخولهم إليه يوما مشهودا، و مشهدا محمودا، فأقيمت الخطبة بالقسطنطينية، و دعا للخليفة العباسي، و اجتمع فيها من هناك من المسلمين من التجار و المسلمين الأسرى و المسافرين إليها و الحمد للَّه رب العالمين.

فصل‌

و كتب متولى عكا من جهة السلطان صلاح الدين و هو الأمير بهاء الدين قراقوش، في العشر الأول من شعبان إلى السلطان: إنه لم يبق عندهم في المدينة من الأقوات إلا ما يبلغهم إلى ليلة النصف من شعبان، فلما وصل الكتاب إلى السلطان أسرها يوسف في نفسه و لم يبدها لهم، خوفا من إشاعة ذلك فيبلغ العدو فيقدموا على المسلمين، و تضعف القلوب، و كان قد كتب إلى أمير الأسطول بالديار المصرية أن يقدم بالميرة إلى عكا، فتأخر سيره، ثم وصلت ثلاث بطش ليلة النصف، فيها من الميرة ما يكفى أهل البلد طول الشتاء، و هي صحبة الحاجب لؤلؤ، فلما أشرفت على البلد نهض إليها أسطول الفرنج ليحول بينها و بين البلد، و يتلف ما فيها، فاقتتلوا في البحر قتالا شديدا، و المسلمون في البر يبتهلون إلى اللَّه عز و جل في سلامتها، و الفرنج أيضا تصرخ برا و بحرا، و قد ارتفع الضجيج، فنصر اللَّه المسلمين و سلم مراكبهم، و طابت الريح للبطش فسارت فأحرقت المراكب الفرنجية المحيطة بالميناء، و دخلت البلد سالمة، ففرح بها أهل البلد و الجيش فرحا شديدا، و كان السلطان قد جهز قبل هذه البطش الثلاث بطشة كبيرة من بيروت، فيها أربعمائة غرارة، و فيها من الجبن و الشحم و القديد و النشاب و النفط شي‌ء كثير، و كانت هذه البطشة من بطش الفرنج المغنومة، و أمر من فيها من التجار أن يلبسوا زي الفرنج حتى أنهم خلقوا لحاهم، و شدوا الزنانير، و استصحبوا في البطشة معهم شيئا من الخنازير، و قدموا بها على مراكب الفرنج فاعتقدوا أنهم منهم و هي سائرة كأنها السهم إذا خرج من كبد القوس، فحذرهم الفرنج غائلة الميناء من ناحية البلد، فاعتذروا

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست